كنت قد تناولت موضوع الاستعدادات البطيئة لقيادة المرأة للسيارة في المملكة من خلال تساؤلات في مقاليّ الأسبوعين الماضيين، وبسرعة استجابت إدارة المرور لتساؤلاتي وتساؤلات وحملات العديد من النساء اللاتي أخذن يطرحن نفس الأسئلة والمزيد منها أيضاً بعد أن أخذن يلمسن التحديات للحصول على تدريب ورخصة على أرض الواقع. وقدمت إدارة المرور إجابتها من خلال تصميم صفحة بمجموع أسئلة وإجابات عممتها على الصحف التي نشرتها جميعاً يوم السبت الماضي (5 /5 / 2018)، ولي على إجابات سعادة مدير الإدارة العامة للمرور اللواء محمد بن عبدالله البسامي عدد من الأسئلة التعقيبية التي تدور حول إشكالات ما زالت تمييزية في التعامل مع ملف المرأة سواء في اللغة أو في الإجراءات.
فقد صرح سعادته بـ: «اكتمال جميع المتطلبات المتعلقة بقيادة المرأة للمركبات في المملكة، بعد تدشين عدة مدارس نموذجية لتعليم القيادة بالتعاون مع بعض الجامعات السعودية، بالإضافة لتهيئة عدد من المواقع في مختلف مناطق المملكة لاستقبال حاملات رخص القيادة الأجنبية الراغبات في استبدال رخصهن برخص قيادة سعودية».
وهنا يأتي السؤال، كيف تكون «جميع» المتطلبات اكتملت وفي مكان آخر يذكر أنه تم حتى الآن الترخيص لـ»خمس» مدارس لتعليم المرأة قيادة المركبات، في الرياض وجدة والدمام والمدينة المنورة وتبوك، فقط. بينما يبلغ عدد مدن المملكة 42 مدينة (وفق إحصاء 2010)، ولا يقتصر وجود النساء على هذه المدن فضلاً عن القرى، أي أن هناك بطئاً كبيراً في إعطاء تصاريح إنشاء مدارس تعليم قيادة المركبات بشكل يشمل كل مناطق المملكة.
وتتصل بموضوع المدارس وتصاريحها الجملة التي تذكر أن الإدارة العامة للمرور «أنهت إجراءات اعتماد البرامج التدريبية في مدارس تعليم المرأة قيادة السيارات، التي يتم بموجبها تحديد عدد الساعات الدراسية لكل من تتقدم للمدرسة وفق نتائج تقييم مستوى قدرتها على قيادة السيارة عند تقديم طلبها». فما معنى ذلك؟ هل هي المرة الأولى التي نؤسس في بلادنا لمدارس لتعليم قيادة السيارة؟ أليس يُفترض أنه لدينا برامج تدريبية لتعليم الرجل قيادة السيارة من قبل؟ أليس عدد الساعات الدراسية للتمكن من قيادة السيارة هو عدد يجب أن يكون مفروضاً على الرجال والنساء «على حد سواء»؟
وما زالت آلية استبدال الرخص الدولية والخليجية بسعودية غير واضحة، فنحن بحاجة لتاريخ ومكان يكون له خانة ما على صفحة الإدارة العامة للمرور. وهذا يقودني إلى الإشارة إلى أن موقع الإدارة يخلو تماماً من أي إشارة إلى الاستعدادات التي يشير إليها سعادة اللواء، لا على مستوى الأخبار ولا القرارات ولا المواقع ولا المعلومات الخاصة بالمدارس المصرح لها أو غير ذلك.
وعندما وصلنا إلى سؤال تكاليف المدارس والتي تفوق مدارس تعليم الذكور القيادة بستة أمثال (2500 إلى 450 - 560) فيقول سعادته: «إن الكلفة مدروسة وفق الجدوى الاقتصادية والمواصفات الفنية لمدارس تعليم القيادة والمعايير والمستويات» إلخ..، ونتساءل كيف تتضاعف الكلفة الاقتصادية لنفس السلعة من جنس بشري إلى آخر بهذه السهولة والوضوح دونما ضبط؟ وعلى الرغم من أن اللواء البسامي يستدرك أن هذه التسعيرة ستطبق على الرجال ومدارسهم والتي يتم العمل الآن على تطويرها. فنسأل وأين كنتم طيلة السبعين سنة الماضية؟ وكيف تتذكرون فقط عندما تصل المرأة إلى الساحة؟ وأين كنتم من الأرقام الفلكية لحوادث السيارات عندنا ووفياتها، ولم تذكروا مدارس القيادة بكلمة على الرغم من كتابتنا المستمرة حولها، والتنبيه إلى مسؤوليتها عما يحدث دون أن تتحركوا قيد أنملة؟ والآن تُستنفر الدراسات الاقتصادية على حساب النساء.
ففي حين كان ينبغي لإدارة المرور أن تجهز مدارس خاصة لتعليم القيادة تقدم هذه الخدمات مجانية للنساء إذ بها تبارك هذه المدارس النسائية الجامعية وتبرر ارتفاع تكلفتها.
نأمل أن تجرى مراجعة شاملة لعمليات الاستعداد كافة لقيادة المرأة للسيارة إجرائياً، قانونياً ومالياً في أسرع وقت.
التعليقات