ينبغي أن ندرك أن الإعلام الغربي مسموع الصوت حول العالم، لن يلتفت إلينا إلا لينقل عنا فضيحة مهما كانت تافهة، كاقتناص خطأ عابر يضخم على نحو غير مفهوم، وتتناوله صحف ووكالات أنباء ومحطات حول العالم، في إشارة واضحة إلى كم التربص لأي هفوة تصدر منا، مهما كانت تافهة ولا يعتد بها..
أحزن كثيراً حين أطالع مقالاً متجنياً على المملكة، أو خبراً موجهاً يراد به الإساءة لبلادنا، في إحدى الصحف العالمية، وحتى لا نرتهن تماماً للتفسيرات وفق نظرية المؤامرة، وإن كانت قائمة بالفعل، فربما يكون الكاتب محوطاً بالأكاذيب التي تروج عن المملكة وما أكثرها. لكن هذا كله في الأخير يطرح سؤالاً جوهرياً في جميع ما يتعلق بالشأن السعودي حول العالم، ألا وهو: أين صوتنا؟.. أين منصاتنا الإعلامية السعودية الناطقة باللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية، مثلاً؟.. أخشى ما أخشاه أن يكون أي من كتابنا الذين تملأ كتاباتهم بياض أوراق الصحف، أو متحدثينا الذين يملؤون هذه الساعات الطويلة من البث الفضائي، مع التقدير لهم جميعاً، يتصورون أن هناك من يقرأ لنا أو يصغي إلينا في الغرب الذي لا يتحدث لغتنا، فضلاً عن أن المؤسسات التي نمارس فيها نشاط الرأي غير موجهة إلى الغرب من الأساس، وفوق هذا وذلك فكثير من خطاباتنا الإعلامية غير ناضجة أبداً، وبعضه عدائي ويصدر عن عاطفة، لا عن تحليل موضوع أو استقراء منطقي للأحداث ولثقافات الشعوب ولطبيعة العلاقات الدولية، ومثل هذه الخطابات من فضل الله علينا أنها لا تصل إلى الخارج، وإلا لزادت الطين بَلّة، كما يقول الأشقاء في مصر.
ينبغي أن ندرك أن الإعلام الغربي مسموع الصوت حول العالم، لن يلتفت إلينا إلا لينقل عنا فضيحة مهما كانت تافهة، كاقتناص خطأ عابر يضخم على نحو غير مفهوم، وتتناوله صحف ووكالات أنباء ومحطات حول العالم، في إشارة واضحة إلى كم التربص لأي هفوة تصدر منا، مهما كانت تافهة ولا يعتد بها، لكن لأنها تقع في المملكة نجدها تضخم وينفخ فيها مثل بالونة عملاقة، فضلاً عن عشرات المقاطع المصورة التي ترصد سلبيات في مجتمعنا شأنه شأن جميع المجتمعات حول العالم، لكننا نجد صحفاً كبرى حول العالم كنا ننظر لها بتقدير ظناً منا أنها صحف مهنية، لكننا وجدناها تنزلق في أوحال صحافة الفضائح، لكن هذا لا يعني أبداً أنها لا تحظى بملايين المتابعين حول العالم، يتلقفون كل ما تبثه إليهم، في عالم تغيرت فيه بوصلة الأخبار الصحافية والإعلامية، على نحو يتطلب منا مواكبته ومجابهته بفكر إعلامي جديد، يضع جميع ما يثار حول المملكة في العالم على طاولة البحث والدراسة من قبل مختصين أكاديميين وخبراء في الشأن الإعلامي، ويضع تصوراً لآليات مواجهة، ضمن إستراتيجية إعلامية واضحة الأهداف والخطط، وقبل ذلك وبعده واضحة المشكلة، فلن نتمكن من التقدم خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح حتى نضع أيدينا على جوهر المشكلة الحقيقية.
إن الأداء الروتيني لن يفيدنا في حل هذه الظاهرة الضاغطة التي بدأت تؤثر بقوة على صورتنا بين شعوب العالم ولن أقول الحكومات، فشؤون الحكومات تتكفل بها القيادة السياسية في بلادنا، ولله الحمد فهذا الملف يدار ببراعة تجسد ثقل المملكة والتقدير العالمي الذي تحظى به، لكنني أتحدث هنا عن شعوب العالم التي يغيب الإعلام عنها صورة المملكة الحقيقية، ويصدر لها صورة قاتمة مكذوبة، لا تليق بنا، ولا تعبر عنا على الإطلاق، ولا سبيل إلى محوها أو تغييرها ما دامت الشعوب حول العالم لا تسمع إلا صوتاً واحداً هو الصوت الذي يشوهنا ويسيء إلينا. وليس من الحكمة أن نتصور أن صحف العالم مشغولة بمتابعة إنجازاتنا، فهذا لن يفيدها في رفع أرقام توزيعها أو توسيع قاعدة متابعيها، صحف العالم معنية بالإثارة وربما الفضائح، أما إنجازاتنا أو مواطن الجمال في بلادنا وفي مجتمعاتنا، فلا تعني غيرنا.
وللحديث تتمة..
1
مسبار
2018-03-22 04:03:23إعلام القرن 21 يركز على المشاكل ويحرص أن يقدم هذه المشاكل على أسس مقنعة فهدفه في المقام الأول زيادة حصته في سوق المنافسة. إعلام القرن 21 يمتلك حاسة شم قوية تساعده على شم روائح المشاكل من مطابخها المنتشرة في العالم ونحن لسنا استثناء. لنعتني بمطبخنا إلى المستوى الذي يمنع صدور روائح كريهة منه وعندها نكون بمنأى عن شبكة صيد الإعلام العالمي.