كثيراً ما نخلط بين الصوت كظاهرة فيزيائية، وبين قدرتنا على سماع الأصوات ذاتها. فنحن لا نسمع إلا (نطاقا صوتيا محددا) تعجز آذاننا عن سماع ما هو أدنى أو أعلى منه.. والأصوات التي (لا نسمعها) يمكن أن تؤثر على أجسادنا وأعضائنا الداخلية بطريقة تختلف تماماً عن الطريقة التي نسمع بها..

فالصوت اهتزازات يحدثها جسم ما (كالحنجرة) فتنتقل عبر وسط ما (كالهواء) حتى ترتطم بجسم ما (كالطبلة) فتؤثر به وتهزه.. غير أن اهتزازات الصوت قد تكون أكبر من قدرة الأذن على التعامل معها - وبالتالي لا تسمعها ولا تدري أصلاً بوجودها. وقد تتحرك هذه الاهتزازات بتردد هائل وسريع بحيث تدمر المنشآت وتحطم البيوت وتفتت الأنسجة الداخلية للجسم..

ولعل أفضل دليل على قدرة الصوت التدميرية (نفخة الصور) التي تصعق الخلائق في آخر الزمان، فقد أشارت آيات قرآنية كثيرة إلى "نفخة الصور" وبينت أن هناك نفختين.. النفخة الأولى تقع في نهاية الزمان وتتسبب في موت الخلائق. أما النفخة الثانية فتقع قبل يوم القيامة وتعمل على احياء الأموات وتسمى نفخة الحياة (ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون).. وحسب كتاب مقاييس اللغة تعني كلمة "الصعق" الصوت الشديد، وجاء في لسان العرب أن الصعق هو الاغماء وشل العقل اثر سماع الصوت الشديد. أيضاً لا ننسى أن الصوت - أو الصيحة - من الوسائل التي عاقب بها الله الأمم الماضية، فحين عصت قبيلة ثمود انشقت السماء عن صيحة جبارة انقضت على الجبال (حيث لها القدرة على النفاذ) فقتلت من بداخلها من أهل ثمود (إنا ارسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر).. وجاء في كتب التفسير: فصاح بهم جبريل صيحة واحدة مع الريح التي أهلكهم الله تعالى بها فماتوا عن آخرهم..

  • واليوم اكتشف العلماء أن للصوت قدرة على النفاذ والتدمير عند مستوى معين - لا تسمعه الأذن بالضرورة. فهناك مثلاً الموجات فوق الصوتية - التي لا يسمعها البشر - ولكنها تستعمل في تنظيف الآلات واختبار المعادن (ورؤية) الجنين داخل الرحم. والموجات فوق الصوتية تستطيع عند تردد معين كسر الزجاج وتفكيك المعادن وخلخلة الأعضاء الداخلية للمخلوقات. ويوجد حالياً في الأسواق الأمريكية جهاز يقتل الصراصير من خلال تدمير أنسجتها الداخلية باستعمال ترددات لها القدرة على النفاذ (خلف الجدران والخزائن).

ورغم أن هناك تقارير عسكرية تتحدث عن استعمال الألمان لأسلحة صوتية خلال الحرب العالمية الثانية، إلا ان أول تقرير مؤكد أتى من حرب الخليج الثانية حين شوهدت سيارات "همر" مجهزة بسماعات ضخمة (لا تصدر صوتاً) موجهة ضد الجنود العراقيين. وخلال قصف أفغانستان قال البنتاغون انه سيلجأ لكل وسيلة متوفرة لإخراج أفراد القاعدة من الكهوف الجبلية "بما في ذلك استعمال الموجات فوق الصوتية"!!

.. العجيب أكثر أن الأصوات (ذات التردد المنخفض) قد تضر الإنسان أكثر من الأصوات ذات التردد المرتفع، وأول إثبات لهذه الحقيقة من وكالة ناسا حيث قامت - في الستينيات - بدراسة تأثير الضجيج الذي تصدره الصواريخ على الرواد. وكانت المفاجأة أن أجساد الرواد لم تتأثر بضجيج الصواريخ نفسها بل بالترددات الصوتية المنخفضة التي يولدها انسياب الوقود في أنابيب الدفع. واتضح في النهاية أن أخطر الترددات الصوتية تلك التي تتراوح بين 3إلى 8هرتز حيث تؤثر على الدماغ وتصيبه باسترخاء واضح (كونها تساوي موجات ألفا الدماغية وتتداخل معها)!!

.. على أي حال أنا شخصياً لا أرى صعوبة في انتاج قنابل صوتية من كلا النوعين - المرتفع والمنخفض، فالتقنية بحد ذاتها معروفة ومستعملة في مجالات عديدة منذ فترة طويلة.. المشكلة الوحيدة قد تكون في ابتكار وسيلة تضمن تركيز الصوت - وعدم تشتته - عند إرساله للعدو من مسافات بعيدة!!