كان لشخصيته - رحمه الله - مهابة واحترام بين طلّاب كلية اللغة العربية، لغزارة علمه، وقوة حجته، وجمال أسلوبه، وشدته في التصحيح.. كان الكثير من زملائنا - في تلك المرحلة الحلوة من حياتنا- أكثر مايخشون من الرسوب في مادة (الباشا) وهي (النقد الأدبي) .. كنّا - وقتها- أربعة فصول، ولكن الباشا - لكثرة مشاغله من اللجان التي يشترك فيها - يجمعنا في صالة واحدة، ولا يهمه (التحضير) فمن أراد أن يغيب عن المحاضرة فليفعل .. أجمل مافي محاضراته أنه يخرج عن الموضوع ، ويروي تجاربه الشخصية مما يصح تسميته (أدب الحياة) لا (أدب الكتب) وكان - مع شدته وهيبته - يحب الطلبة المتفوقين، ويعطيهم الكثير من وقته الثمين .. أشرف على بحثي (الشعر الإسلامي في العصر العباسي الأول) في سنة التخرج، وكان يولي أهمية خاصة لهذا العصر لكثرة ماقيل عنه. كانت البحوث الممتازة تُفرز ويُطبع منها واحد كل عام، يكون أفضلها في نظر الأستاذ، وتمّ طبع (الشعر الإسلامي في العصر العباسي الثاني) قبل الأول ، لأنه - كما قال رحمه الله - لم يجد من يوفّي هذا العصر الغني حقه، وقد حمَّسني للبحث فيه، بل أسقط اسمي حين وزّع البحوث على جميع الطلاب، فراجعت العميد فتبسم وقال : الباشا يريدك .. ذهبت إليه فقال : يابُني هذا عصر خطير أريد أن تبذل فيه كل جهدك ولا تتردد في مراجعتي حتى في البيت، ووصف لي بيته ( شقة فخمة في شارع الوزير) فإن أشكل عليّ أمر زرته في شقته فأجد منه التعاون والترحيب، ويجلس معي في منزله حتى يكمل توجيهاته، وتجرأت ذات يوم فسألته - رحمه الله - لماذا يخاف الطالب من الرسوب في مادته؟ فقال : لأنني أُحصي على كل طالب أخطاءه الإملائية والنحوية وأخصمها من إجاباته مهما كانت سليمة، فهؤلاء طلبة اللغة العربية وإذا لم يحسنوا الإملاء والنحو فلا خير في الإجابة ولن أغش بهم المجتمع، تبنّى مع معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي - عميد الكلية آنذاك- (موسوعة أدب الدعوة الإسلامية) شعراً ونثراً، ونجحت في ذلك الوقت الصعب وطبع منها العديد من البحوث، وكان لبحثي الشرف أنه ثالث بحث طبع سنة ( 1974م) ولم يقتصر الباشا على هذه الموسوعة، بل قدّم برامج إذاعية عن الأدب الإسلامي، وطُبع له عدة كتب أشهرها (صور من حياة الصحابة) رحم الله أستاذنا الباشا وأسكنه فسيح جناته فقد كان شخصية مُشعّة لم ولن ينساه كل من تتلمذ على يديه.
1
بنت نجد
2018-02-06 14:01:22تشرفنا بمعرفة الاستاذ عبدالرحمن
2
خالد عمر
2018-02-06 13:05:31لقد مر إنشاء هذه المنظمة التي دعيت بـ رابطة الأدب الإسلامي العالمية بمراحل عديدة؛ كان أهمها ذلك الاجتماع الذي انعقد في منزل الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا رحمه الله في مدينة الرياض عام 1400هـ - 1980م والذي تم فيه تكوين هيئة تأسيسية لهذه الرابطة برئاسة سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي ثم كانت الندوة العالمية للأدب الإسلامي برئاسة سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي في لكنو في شهر جمادى الآخرة عام 1404هـ - 1981م، حيث دعي إلى هذه الندوة عدد كبير من رجالات العالم الإسلامي المهتمين بالأدب، واختير الدكتور الباشا نائبًا لرئيس الرابطة، ورئيسًا لمكتب البلاد العربية. كما شارك الدكتور الباشا في العديد من اللّجان والنّدوات، وناقش وأشرف على عدد من رسائل الماجستير والدّكتوراه.
3
خالد عمر
2018-02-06 13:04:04ومع أنه لم يكن هو أول من دعا إلى إيجاد هذا الأدب، فقد سبقه إلى ذلك كثير من المفكرين، وهو أعترف بذلك ويقر بالفضل لأهله… لكنه استطاع أن يجعل أماني أولئك العلماء حقيقة واقعة، فقد سعى لإيجاد عمل موسوعي يخدم الأدب الإسلامي ويكون له بمثابة الخلفية التاريخية، والقاعدة الصلبة التي ينهض عليها بناؤه؛ ليساعد الدارسين في معرفة هذا الأدب ودراسة خصائصه ورصد موضوعاته… ومن هنا ظهرت فكرة موسوعة أدب الدعوة الإسلامية التي قامت بإصدارها كلية اللغة العربية بالرياض، وأشرف عليها بنفسه حيث كانت نتاج مادة البحث لطلبة السنة النهائية بكلية اللغة العربية.
4
خالد عمر
2018-02-06 13:03:41أمضى الدكتور عبد الرحمن حياته العلمية والعملية منذ بدايتها مكافحًا ومنافحًا عن لغة القرآن… داعيًا إلى فن أدبي إسلامي لا يكتفي بجمال التعبير وإبداع التصوير؛ وإنما يشترط فيه أن يكون ممتعًا هادفًا نافعًا في وقت معًا… فن أدبي إسلامي يلتزم أمام إله متصف بصفات الكمال كلها، منزه عن صفات النقص جميعها… ويكون بسماته هذه مغايرًا للتيارات الأدبية الأخرى التي تلتزم أمام النفوس البشرية الأمارة بالسوء.
5
خالد عمر
2018-02-06 13:03:19اشتغل مدرسًا فمفتشًا، ثم كبيرًا لمفتشي اللّغة العربية في سورية، ثم مديرًا لدار الكتب الظّاهرية المنبثقة عن المجمع العلمي العربي في دمشق، وأستاذًا محاضرًا في كلية الآداب في جامعة دمشق ثم انتقل إلى السّعودية للتدريس في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ وقد شغل منصب رئيس قسم البلاغة والنّقد ومنهج الأدب الإسلامي، وكان عضوًا في المجلس العلمي في الجامعة منذ أن وُجِدَ، وعُهِدَ إليه بلجنة البحث والنّشر في الجامعة ذاتها.
6
خالد عمر
2018-02-06 13:02:56عبد الرحمن رأفت الباشا، أديب سوري ولد في 17 رمضان 1338 هـ الموافق 4 إبريل عام 1920م في بلدة أريحا شمال سورية، وتلقى دراسته الابتدائية فيها، ثم تخرج في المدرسة الخسروية بحلب؛ وهي أقدم مدرسة شرعية رسمية في سورية… أما دراسته الجامعية فتلقاها في القاهرة؛ حيث نال الشّهادة العالية لكلية أصول الدّين في الأزهر، وشهادة اللّيسانس أيضًا في الأدب العربي من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، ثم درجتي الماجستير والدّكتوراه من هذه الجامعة التي أطلق عليها فيما بعد اسم جامعة القاهرة.
7
خالد عمر
2018-02-06 13:02:42شكرا لك استاذ عبدالله، انا من أشد المعجبين بالأستاذ عبدالرحمن رأفت الباشا
وكنت من طلابه، وسأقدم لكم سيرته الذاتية:
8
خالد الفهد
2018-02-06 00:27:43سمعت في الإذاعة حلقات من برنامجه صور من حياة الصحابة مؤثر وصوته فصيح واشكرك يا استاذ عبدالله لذكر تجارب جيلكم فاننا نستفيد منها