إن توحيد ميزانية الخدمات الصحية في المملكة تحت يد وزارة الصحة من شأنه توحيد برامج التطوير في يد واحدة تدير الميزانيات على نحو يكفل تقديم خدمات صحية عادلة ومتطورة للجميع، ويكفل أيضاً ترشيد الإنفاق في ظل وجود جهة واحدة مسؤولة عن وضع ميزانيات المشروعات والخدمات..

نما إلى علمي من بعض الزملاء في وزارة الصحة أن الوزارة مقبلة على منعطف كبير في مسيرتها، وأن الأخ الفاضل معالي الدكتور توفيق الربيعة وزير الصحة يقود الوزارة نحو تحول كبير في تاريخها، وكلي ثقة بقدرة معاليه على تحقيق هذا التحول الذي يتطلع إليه من أجل تطوير الخدمات الصحية وإحداث نقلة كمية ونوعية بها.

ما يزيدني أملاً وثقة في قدرة الوزارة على تحقيق ما تتطلع إليه من تطوير جذري وشامل في خدماتها وجود إخوة أفاضل مخلصين حول معالي الوزير الربيعة أثق ثقة بلا حدود في إخلاصهم ووفائهم لبلادهم وخبراتهم الكبيرة واستعدادهم لبذل جهد كبير ومضنٍ من أجل تحقيق هذا النوع من الأحلام الوطنية الكبيرة لبلادهم ولأهلها.

ولقد كان واضحا لنا في الجزء المخصص لوزارة الصحة من الميزانية العامة للمملكة أن الدولة تنفق بسخاء على هذه الخدمة بالغة الأهمية للمواطن، وتحرص على توفير جميع الإمكانات التي من شأنها تعبيد الطريق أمام قيادة الوزارة لتمضي قُدُماً في طريق تحقيق أهدافها الكبيرة التي تليق ببلادنا وبمواطنيها، ولاسيما أن بلادنا تضطلع بعبء مضاعف في القطاع الصحي على وجه الخصوص لقيام وزارة الصحة على تقديم الخدمات الطبية لضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، في ظروف استثنائية، فكما نعلم جميعاً، هذا القطاع من المستفيدين على وجه الخصوص فضلاً عن العوارض الصحية والمرضية العادية التي يمكن أن يتعرضوا لها، أيضاً هناك مسؤولية كبيرة تحملها الوزارة لمواجهة أي طوارئ وبائية، ما يصعب كثيراً من مهمة وزارة الصحة، وهم أهل لحمل هذه الأمانة من دون شك، وهم أيضاً يدركون استحقاقاتها جيداً وحجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم.

بقي أمر بالغ الأهمية أود أن أضعه بين يدي القيادة الكريمة، وبين يدي الإخوة في وزارة الصحة بقيادة أخي معالي الدكتور الربيعة، وهو في طريقه لإحداث هذا التحول الكبير في خدمات وزارة الصحة، وهو أمر يخص واقع الخدمات الصحية في بلادنا إجمالاً، وليس خدمات وزارة الصحة وحدها.

الأمر الذي أعنيه هنا هو بعثرة الخدمات الصحية وتوزعها بين عدد كبير من الجهات كل جهة منها لديها مؤسساتها الطبية وجهازها الطبي المنفرد الذي يشرف على تقديم هذه الخدمات، وهو أمر لا مثيل له في العالم أجمع إلا في بلادنا، وهو أمر أيضاً يكلف الدولة مليارات الريالات سنويًا في ظل تقديم الدولة خدماتها الصحية من خلال أربع عشرة جهة حكومية، وتوحيد تقديم هذه الخدمات تحت مظلة جهة واحدة هي وزارة الصحة من دون شك من شأنه أن يوفر لخزانة الدولة مليارات الريالات في السنة الواحدة.

إن توحيد ميزانية الخدمات الصحية في المملكة تحت يد وزارة الصحة من شأنه توحيد برامج التطوير في يد واحدة تدير الميزانيات على نحو يكفل تقديم خدمات صحية عادلة ومتطورة للجميع، ويكفل أيضاً ترشيد الإنفاق في ظل وجود جهة واحدة مسؤولة عن وضع ميزانيات المشروعات والخدمات، ومن شأنه أيضاً وقف ازدواجية تقديم الخدمات وتأسيس المنشآت على نحو لا يراعي الاحتياجات نظراً لعدم الاحتكام إلى خريطة خدمات موحدة تكفل توزيع المنشآت الطبية والخدمات على نحو عادل بين مناطق المملكة ومدنها وبالطبع بين مواطنيها، وهذا يضمن حصول كل مواطن على أعلى مستوى من الخدمات الصحية وفق ما تتطلب حاجته، وليس وفق الجهة التي يعمل بها، فهذا يتنافى مع مبادئ المساواة، أيضاً يضمن هذا وقف أي إنفاق زائد يلامس سقف الترف في جهة ما في حين ربما تكون جهة أخرى لم تبلغ هذا السقف.

إن انفصال أربع عشرة جهة بتقديم الخدمات الصحية على نحو مستقل تماماً في الميزانيات والبرامج والمنشآت يتسبب في هدر مالي كبير أسبابه كثيرة يعرفها القائمون على العمل في الميدان الصحي، وهو هدر يمكن وقفه بتوحيد هذه الخدمات تحت مظلة وزارة الصحة، فالدولة أولى بهذه المليارات الضائعة في ظل التوجهات الاقتصادية المرشدة الجديدة التي آن الأوان ليحظى هذا الأداء غير المرشد لقطاعات الصحة بالتفاتة كبيرة منها لتدخل ضمن التحول الكبير الذي تقوم عليه وزارة الصحة؛ لدعمها في خطتها الوطنية الكبيرة لتطوير هذا القطاع، وأيضاً لتوفير المليارات الضائعة على بلادنا.