نحن من أكثر الشعوب تشدقا بالخصوصية، ومن أكثرها تدخلا في خصوصيات الآخرين.. حياتنا وتصرفاتنا وتحركاتنا وأين سافرنا وماذا فعلنا؛ تشكل مادة خصبة لأحاديث الناس.. وياليت الأمر ينتهي عند "الدردشة" بل نتجاوزها إلى غيبة ونميمة وتقييم واطلاق الأحكام ــ قبل أن نختم المجلس بكفارة المجلس...
وفي المقابل تعد "الخصوصية" واحترام الحريات الشخصية حـق بديهي في المجتمعات الغربية.. لا يخضع فيها الفرد للمراقبة ولا المتابعة ولا التلصص ولا يتدخل أحد في شؤونه الخاصة. أصبح (عدم التدخل) من المظاهر التي تثير استغرابنا حين نسافر إلى الخارج؛ وكأن العكس هو التصرف السليم!!
الغريب أننا أكثر أمة تملك آيات وأحاديث ومقولات تحث على عدم التدخل في شؤون الآخرين.. لا يعرف معظمنا أن ذلك من الحقوق الفردية التي كفلتها الشريعة الإسلامية قبل الشرائع الوضعية.. لا يعرف معظمنا أن ديننا الحنيف يمنعنا من الحكم على الناس أو التدخل في نواياهم ومعتقداتهم لأسباب كثيرة من بينها:
أن الحكم على البشر ليس من شأن البشر أصلا "اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ".
ولأن البشر لا يمكنهم معرفة سرائر القلوب وماتخفي الصدور "أفلا شققت عن قلبه لتنظر هل كانت فيه"...
ولأن التجسس جريمة يحل لصاحبها القصاص "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه"
ولأن الأفكار والمعتقدات خيار شخصي لايمكن فرضها أو اكراه الناس عليها "أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"
ولأن معتقداتنا وأفكارنا خاضعه للمشيئة الإلهية مهما فعلنا "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا".
ولأن عيوبنا أولى بالمراقبة والتصحيح "وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وويل لمن نسي عيبه وتفرغ لعيوب الناس"
ولأن لكل انسان ظروفه وأعذاره التي قد لا تعلم أنت عنها و"أعقل الناس أعذرهم للناس"..
ولأن هناك احتمال توبة وصلاح من اتهمته أو حكمت عليه ــ أو احتمال أن يصبح أفضل منك قـبل وفاته.
ولأن هناك احتمال فعله الشيء لسبب خفي لا تعلمه (كقصة الخضر حين قـتل الغلام وأعطب السفينة).
وأخيرا؛ لأن الانشغال بخصوصيات الناس ليست من شيم الانسان المسلم (فمن حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه).
... كل هذه الآيات والأحاديث والنصوص (التي نطبقها طوال قرون) تحولت اليوم إلى مواثيق دولية تكفلها الدول وجمعيات حقوق الانسان.. أصبحت "الخصوصية" أحد الحقوق البديهية للمواطن في المجتمعات المدنية (بجانب الحق في العمل، والتنقل، والجنسية، والتعبير، والأمن، وممارسة شعائره الدينية)...
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، ولا تُعَيِّرُوهُمْ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فإنه من تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ في جَوْفِ رَحْلِهِ".
1
عبد الرشيد
2018-01-05 16:37:28لا تراقب الناس ولا تتبع عثراتهم ولا تكشف سترهم ولا تتجسس عليهم ,اشتغل بنفسك واصلح عيوبك ,لأنك سوف تسأل عن نفسك لا عن الآخرين.
بل
اكسب قلوب الآخرين بأربع: بطيب الكلام , وجميل الاهتمام ,وصدق الإلتزام , وحسن المعاملة.
2
عبد الرشيد
2018-01-05 15:49:36نعم يا أستاذ!
هذه آفة من آفات اللسان، وعيب من عيوب النفس التي تحتاج إلى مجاهدة وعلاج.
وإذا أراد الله بعبده خيراً أرشده إلى الاعتناء بعيوب نفسه، ويجاهد نفسه ويحاول إصلاحها، فنجد العبد الفطن منشغلاً بنفسه، حريصاً على تزكيتها، وكم هو قبيح أن ينسى الإنسان عيوب نفسه، وينظر في عيوب إخوانه بمنظار مُـكـبِّـر.
3
محمد الصالح
2018-01-04 23:14:02تعليقا على مداخلة رقم (2) الأخ حسن الفيفى فى الغرب يامطوع لو تحرشت بإمرأة فمصيرك السجن. صحح معلوماتك. (التحرش) فى الغرب جريمة لا تغتفر.
4
فهد عبدالله
2018-01-04 14:40:05لأننا شعب مظاهر ..
يتعمد اللقافة عشان يعطيك حجمك ومنزلتك
سيارتك كرسيدا والا بي إم
واذا هي بي إم كم موديلها.؟
وين سافرت للامارات والا استراليا؟
وين ساكن بخنشليلة والا بالياسمين؟
وبعد كل هذا ليتك تسلم..
اذا انتي غني يبدأ يعيرك ويقلل من نجاحك بإنك وارث ابوك
أو يعيرك بالبخل عشانك ساكن بخنشليلة أو معك كرسيدا
واذا كنت فقيرا بمعاييره ..
ستجده تلقائيا يحتقرك ويتجاهلك بالدعوة والمناسبات
وهكذا الحال ..
بسبب مرض إسمه عقدة النقص وفقر النفوس
والغريبة مايبهرهم إلا المال فقط.. أما العلم والخبرة والمعرفة فلايهتمون بها يقولك خل المعرفة لك اشبع بها. الله يعز قوقل كل اللي نبيه نلقاه فيه.
وقديما قيل ..
لاتخبر الناس عن ثروتك .. فإن كنت غنيا حسدوك وإن كنت فقيرا احتقروك
5
حسن أسعد سلمان الفيفي
2018-01-04 08:22:42هناك فرق بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل مجتمعك الخاص بك وبين عدم التدخل في خصوصيات الناس ليس من المعقول أن اسكت عن شخص يتحرش بفتاة أمام الناس في مجتمعي وأقول هذه خصوصية بينما لما اكون في الغرب الوضع يختلف
6
حسين حسن بركات
2018-01-04 08:00:41والله انت كاتب رائع ومقالة محترمة
7
سعد بساطة
2018-01-04 07:27:20(1)
في الغرب
الكاميرات العامة
ألغت الخصوصية
تحت ذريعـة
مكافحة الارهاب
(2)
يفقؤوا
كتبتها أنت
عـلى الطريقة المصرية
يفقئوا؟؟؟!!
وهذا ما لايفوتك