حظيت الأغنية السعودية بفرصة الظهور والانتشار، بصورتها المحترفة، منذ تأسيس الإذاعات (جدة 1949، الرياض 1965) والتلفزيون (الظهران 1955، الرياض 1965)، وشركات إنتاج الأسطوانات (توزيعات الشرق 1963)، في جدة والطائف، والرياض، والخبر والدمام.
وقد تكاتفت تلك الشركات، في دعم شعراء وملحنين وحناجر، وقد أعلنت مؤسسة توزيعات الشرق لصاحبها عبد الله حبيب، من الأحساء، في كتيب دعائي ما يلي: "بأنها ستقدم لكم في القريب العاجل الفنان الكبير طلال مداح والفنان المحبوب عبد الله محمد والموسيقار غازي علي والفنان الموهوب عمر كدرس والفنان فوزي محسون والفنان عبدالعزيز شحاته في أحلى وأعذب أغانيهم المحبوبة..".
وعلى انتشار طارق عبدالحكيم عبر دنيا الفن، توزعها مؤسسة سهيل (للإماراتي محمد سهيل الكتبي (1931- 1978) التي قدمت فرج المبروك وعودة سعيد، فإن الشرق ستقدم له أسطوانة شهيرة "أبكي على ما جرى لي"، وأخريات بصوت لبنانيات هيام يونس وسميرة توفيق، وسوريات نجاة الصغيرة – المصرية لاحقاً- ويسرى البدوية، وللعراقي رضا علي، واللبناني عبود عبدالعال وهي التي ستطلق محمد عبده عام 1966.
ولم تنشط الأغنية السعودية، بروافدها من نجد والأحساء والحجاز والشمال، لولا مجموعة من الشعراء، تربى معظمهم على التراث الثقافي المعنوي لكل منطقة، مع صياغة شكلها، المكرس في الربع الثاني من القرن العشرين ما بين بغداد والقاهرة.
ويتضح بأن معظم شعراء الحجاز اتخذوا من الأشكال الشعرية في الأغنية المصرية نموذجاً يحتذى في الكتابة والنطق، نموذجها "ثلاث ليال" (شعر عبدالحي قزاز- لحن عبدالله محمد) لطلال مداح، وهذا ما درج عليه شعراء مثل طاهر زمخشري (1918- 1987).
غير أنه سرعان ما اتجه عكس ذلك، عبر استيعاب التراث وصياغته في أغنيات تنطق بلغة معاصرة، وتبدى هذا عند شعراء الأغنية في مرحلتها المبكرة، حسن صيرفي (1918 -2008)، ومحمد الناصر السويلم (1918 – 1988)، ولحق بهما الشاعران الكبيران: محمد الفهد العيسى (1923 -2013)، إبراهيم خفاجي (1926- 2017).
حيث تنافسا في وضع كلام مختلف للحن أغنية واحدة، فوضع العيسى "أسمر عبر"، وخفاجي "طل القمر".
أفاد من الشاعرين الكبيرين، الفنان طارق عبد الحكيم، في صياغة أغنيات أسستها في صورة مشت عليها في مرحلة الستينيات حتى ظهر جيل آخر، أظهر خصوصية محلية مثل: صالح جلال، والأمير خالد الفيصل، وثريا قابل.
وجاء في عقد السبعينيات جيل قلب الطاولة، ودفعها إلى خارج الحدود، بلغة أخرى، مع بدر بن عبدالمحسن، ومحمد العبدالله الفيصل والشريف منصور بن سلطان..
وانتقلت الأغنية السعودية، ما بعد الألفية الثالثة، إلى منطقة نعاصرها الآن، مع صاغة جدد.
التعليقات