كل جهاز خدمي في الدنيا موارده وقدراته محدودة مهما بذلت الدولة من جهد ومال. لا يتم الاستفادة منه إلا بتوفر كثير من الوعي عند المستفيد من الخدمة. لا يمكن للشرطة مثلاً أن تضع حراساً على كل الدكاكين ولا يمكن أن توفر سيارات دورية تجوب كل الطرق والحارات والسكيك أربعة وعشرين ساعة. جزء كبير من الأمن يقع على عاتق الناس، على إدراكهم ووعيهم. ثمة مرحلة من الاحتراز يتوجب على الإنسان أن يتخذها. لا يترك دكانه في غيابه مشرعاً ولا يترك بيته مفتوحاً أو طفله بلا مراقبة. كلام بديهي لكنه ليس كذلك عند كثير من الناس. عند التطبيق تغيب هذه البديهية.

الوقاية من الحريق تبدأ من أصحاب المنزل. عدد من الإجراءات يتخذها أهل البيت تؤدي إلى منع الحريق بنسبة كبيرة جداً. من يعرفها؟ ومن يتخذها سلوك حياة عندما يعرفها. كم بيت يتوفر على طفاية حريق وأجراس إنذار على سبيل المثال ومخارج طوارئ وكم بيت مسيجة نوافذه كأنها سجون. حياتنا مسؤوليتنا أولاً. كم المبالغ التي سنوفرها إذا اتبعنا أساليب السلامة وعرفنا مفهوم الصيانة وتعلمنا إنجاز بعض المسائل المنزلية بأنفسنا.

في كثير من الدول تقدم شركات التأمين خدمة غير مباشرة في مسألتي الأمن والسلامة. تفرض معايير معينة قبل أن توافق على التأمين والبنك يفرض تأميناً على البيت قبل أن يقر القرض وهكذا. عدم وجود مثل هذا النظام المالي المتداخل في المملكة يجعل الأجهزة الخدمية في البلاد تتحمل مسؤولية فوق مسؤولياتها الأصيلة. مسؤوليات ناشئة عن الاستهتار والإهمال والجهل. لرفع مستوى الخدمات وحماية الموارد يفترض في الشرطة والدفاع المدني... الخ، أن تطور معايير واضحة تميز من خلالها بين الحوادث التي تتصدى لها. هل هي أحداث لا يمكن تفاديها أم أنها أحداث نشأت بسبب الاستهتار.

في حال سارع الدفاع المدني لإنقاذ مجموعة من الشباب من السيل مثلاً. بعد العملية يطرح السؤال القانوني التالي: ما مدى مسؤولية هؤلاء الشباب عما حصل لهم. يصبح من ضمن حقوق الدفاع المدني رفع دعوى ضد هؤلاء المستهترين. يقرر القضاء نسبة مسؤولية هؤلاء عما جرى لهم ليتحملوا تكاليف إنقاذهم. المستهتر يستحق المساعدة كإنسان ولكن عليه أن يدفع تكاليف استهتاره.