عندما تبرز وسائل الإعلام وتعليقات القرّاء التعميم الذي أصدره معالي وزير الصحة بعدم المبالغة في استقبال قيادات الوزارة بما فيهم الوزير عند زيارتهم للمحافظات والمراكز وإيقاف استئجار السيارات واللوحات الترحيبية وإسكان المسؤول، بأنه ترشيد للنفقات وإيقاف الهدر بالمال العام، يتأكد للجميع بأن لدى جهاتنا بنودا خاصة لتلك النفقات بميزانيتها، وأن المسؤول بالمنطقة سواء مدير عام المديرية أو فرع الوزارة لديه الاعتماد والصلاحية للصرف على حفل الغداء وإسكان المسؤول، وأن كل ما فعله وزير الصحة هو طلب عدم المبالغة بالتكاليف لتخفيض الصرف من تلك البنود! في حين أن الحقيقة إنه خلافا للشاي والقهوة والعصيرات لا توجد بالجهات الحكومية الخدمية بنود خاصة أو مسوغ نظامي لإسكان موظفيها أو حتى إقامة وجبة إفطار لهم، وإنما الأمر يتم من خلال تصرف مدير الفرع وبطرق غير نظامية للخروج من مأزق الاستقبال والضيافة حتى لا يظهر بأنه مقصر في ضيافة المسؤول ومرافقيه.

واستثناء من بعض حالات الإكرام الشخصي للمسؤول الزائر، فإن المسؤولين بالمناطق يقعون في حرج من تلك الزيارات وخصوصا مما عرف عنه رغبته بالاستقبال والضيافة الفاخرة، علما بأن كبار مسؤولي جهاتنا يعلمون بعدم نظامية توفير الوجبات والسكن بالفنادق، وتزداد الغرابة أكثر عندما يجيب المسؤول الزائر مرافقيه بابتسامة ضاحكة عن كيفية تغطية الفرع لتكاليف تلك الحفلات؟ بأن مدير الفرع سيدبرها بمعرفته! أي ندفع المدير لتجاوز النظام لكون المعتاد أن يتم دفع تلك التكاليف من قبل المقاولين أو عبر تكييف أوراق وخلق فواتير أخرى لم ترد فعلا لإمكان الحصول على مبلغ من الدولة لتسديد تكاليف الضيافة أو من خلال شركة حكومية تابعة للجهة ليست لها علاقة بالزيارة وجميعهم يستجيبون وديا لطلب مسؤولي الوزارة والفرع وجميعها ممارسات غير نظامية مع أن الهدف تغطية نفقات حفل أو سكن أو غداء لمسؤولي الجهة وهو ما يعتبر في حال اكتشافه فسادا باختلاق فواتير أو التغاضي عن حسميات على المقاولين مقابل تحملهم لتكاليف الاستضافات التي في حقيقة الأمر تُحرج مسؤولي الفروع وموظفيها وتجبرهم على ارتكاب مخالفات سيتم إدانتهم من قبل الجهات الرقابية حال اكتشافها، وهو ما يستوجب أن يتم وضع تنظيم واضح للزيارات إما بتخصيص تكاليف صريحة أو الإلزام بعدم الاستقبال والضيافة لأي مسؤول زائر أو عائلته وأن تكون إقامته على حسابه الشخصي، وذلك رفعا للحرج وإيقافا لمظاهر التفاخر بحجم الضيافة التي يُجبر المقاولون عليها أو يتحمل مسؤوليتها موظفون صغار للتوقيع على فواتير غير صحيحة وبحيث يشمل التعميم جميع جهاتنا وليس فقط وزارة الصحة.