تشهد المملكة هذه الأيام عصراً جديداً من الانفتاح نحو المستقبل والتغير الإيجابي الذي يرتبط بالخانة الاقتصادية بربطها بالاجتماعي والثقافي بشكل غير معهود. وفي محاولة لاستدراك المستقبل القادم من غير نفط، تعمل الدولة منذ عامين في البحث عن بدائل، وإن كان البحث ليس وليد اليوم باعتبار أن هذا موضوع لطالما تناوله وطرحه وحذر منه الاقتصاديون وعلماء التنمية والاجتماع، لكن اليوم «غير» وهناك آليات جديدة أخذت طريقها بالسلطة التشريعية والتنفيذية مدخلة الكثير من الحلول الاقتصادية التي تشد أكثر وأكثر الحزام. وما أود الإشارة إليه في هذه العجالة أمر يتعلق بالبدائل التي ندعو إليها لتصب في خانة مصادر غير نفطية يمكن أن تحمل صفة الاستدامة ولا تعتمد على جيب المواطن فحسب.
فعلى الرغم من أن هيئة السياحة تعمل منذ عقدين على أكثر من مستوى للتشجيع على السياحة الداخلية، إلا أنها ما زالت تواجه الكثير من التحديات كما أن أمامها الكثير من الفرص التي لم تُستثمر بعد.
ويُطلق على الاستثمار السياحي مصطلح علمي يدعى الهندسة الثقافية التي تحمل في الواقع معاني أوسع بكثير من مجرد الاستثمار السياحي وإنما هو الاستثمار في الثقافة وكل الموروث الممكن في تفاصيل تاريخ وتراث وثقافة بلد ما. وتعرفها الدكتورة هاجر الجندي بأنها: أحد علوم الإدارة الحديثة التي تقدم نظماً جديدة ومبتكرة لإدارة الشأن الثقافي وتسيير المؤسسات الثقافية والصناعات الإبداعية مثل صناعة السينما - الدعاية والإعلان،... وهي تمتد من وظيفة مدير الأعمال إلي استراتيجيات وخطط تسيير وزارات الثقافة وشركات الإنتاج والمركبات الثقافية وأنماط السياحة الثقافية. وأنه علم غائب عن وزارات ثقافتنا ومؤسساتها التي تعتمد على ما يصل إليها لا ما تصل إليه.
ويستفيد الغرب والشرق بشكل كبير من هذه العناصر التي يحولها إلى فرص استثمارية وثقافية تبلور هويته وهوية مكانه وموروثه. لكنها من المفقودات في العالم العربي. وعندما نصل إلى المملكة نجد أنها تطبق في أضيق الحدود وعندما تُقدم منطقة من المناطق إلى مؤسسة اليونسكو لتدرجها ضمن تراثها العالمي، فهذا الذي يُحرك الماكينة الاستثمارية أو الابداعية. لكن المطلوب أكبر من هذا بكثير لما تعج به بلادنا من فرص غير مستثمرة لتحويلها إلى منتج يستفيد منه ابن القرية وابن الصحراء وابن المدينة.
ووردت هذه الدراسة إلى مخيلتي عندما شاهدت أحد المواطنين يصور قلعة تاروت ويتحسف على ما آلت إليه من إهمال. قلعة تمتد في أسسها إلى الفترة الدلمونية التي تعود إلى خمسة آلاف سنة مضت وقلعة تعود إلى الفترة البرتغالية في القرن السادس عشر، أي أننا نتحدث عن أثر يعود ظاهره إلى خمسمائة عام وباطنه إلى خمسة آلاف سنة، وعلى الرغم من ذلك فإن كل ما قامت به هيئة السياحة هو تسوير القلعة بسياج حديدي وتركت المنطقة حوله مهملة وأيضاً غير نظيفة.
فما هو البديل؟ كيف نحول القلعة إلى صناعة استثمارية للشكل والمضمون؟
ولي عودة.
1
عبد الملك فراش
2017-10-15 12:44:55يبدو ان تطوير القلعة جاء لحمايتها من جماعة الغفلة الذين أرادوا هدم كل الاثار التاريخية بحجة انها تساهم في اعمل شركية حيث ان كل تقدير للآثار يعتبر في نظرهم شرك، وكادوا يهدموا مكتبة الحرم بمكة والمساجد السبعة بالمدينة المنورة،