يتناول بعض المحللين طرح وزارة المالية بالسوق المحلي للصكوك بالريال السعودي بانه خلق فرص استثمارية للسيولة العالية المحلية وأنها تلقى إقبالا كبيرا من كبار المستثمرين للاكتتاب بها، الا انه بالجانب الاخر نجد توفر المليارات بالحسابات بالبنوك منذ سنوات واستمرار تدفقها لبعض المستثمرين وتجميدها كحسابات جارية لا علاقة لها بما يطرح بالصكوك، والمشكلة انه مازالت السيولة بأسواقنا المحلية تعاني من شُح شديد ترتب عليه مواجهة العديد من المستثمرين لصعوبات مالية للاستمرار في ممارسة أنشطتهم التجارية واضطرارهم للاستغناء عن الآلاف من الموظفين ومنهم السعوديين وإغلاق الكثير من المكاتب والأنشطة ومعظمها للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بل ان طرح الصكوك بالريال في السوق المحلي قد وفر فرصا للبنوك وكبار المستثمرين على حساب منشآت القطاع الخاص والمواطنين في استثمار السيولة المتاحة في الاقراض وضخ السيولة بالسوق المحلي.

وإذا نظرنا الى المجالات الاستثمارية التي اعتادت توجه السيولة لها فأنها اما للسوق العقاري الذي يعاني حاليا من ركود بسبب ارتفاع أسعار الاراضي وتوقف البناء مع توفر المعروض وعدم وضوح التوجهات المستقبلية ونقص الدخل للمحتاجين لتملك العقار في وقت برزت في المؤشرات لارتفاع تكلفة البناء برفع أسعار الطاقة ورسوم العمالة وورطة الممولين لبعض المشاريع العقارية، مما تسبب في الاحجام عن ضخ السيولة بالمشاريع العقارية التي لها علاقة مباشرة بالكثير من الأنشطة المحلية وتحريك السيولة بالسوق، اما الاسهم فمع استقرار أسعار الشركات عدا المضاربات والسيطرة على المؤشر فان تقييم المستثمرين - وليس المضاربين - للعائد من الاستثمار بالاسعار الحالية لم يتضح بسبب الغموض في مدى التأثر من القرارات والتوجهات لاسعار الطاقة والرسوم على نتائج الشركات وسيولة وسلوك المستهلكين وتقييم أسعار الاسهم وفقا للعائد المتوقع، وليتم اتخاذ قرار استثمار السيولة المتوفرة للمستثمرين والمواطنين بالشريحتين العليا والمتوسطة والمجمدة بالبنوك، ولأنه تتوفر السيولة النقدية لفئة من المجتمع لا ترغب في دخول سوق السندات والصكوك وتفضل الاستثمارات الآمنة التي ستوفر عائدا مباشرا للمواطنين وانفاق ينعكس على نمو بالأنشطة التجارية والصناعية، ولكون الدولة ترغب في التخلص من الكثير من الالتزامات وان إصدار الصكوك يرفع من حجم الدين العام، فانه لابد من توجية السيولة المحلية لخدمة الاقتصاد المحلي للمحافظة على النمو المقبول ومن خلال توفير الدولة لفرص استثمارية مناسبة لجميع شرائح المجتمع لتحريك اموالهم وإيجاد فرص بديلة تشجع على التخلص من العقارات الراكدة وبما يوفر سيولة للدولة بدون اقتراض ويخلصها من النفقات خاصة وان التوجه تخصيص العديد من القطاعات وتحويلها لشركات كما تم في العديد من الخدمات كالمياه والمطارات وغيرها ليتم طرح جزء مناسب منها وليس قليل من الشركات الحكومية التي تم تأسيسها مؤخرا، وذلك لكون الاستمرار في الاقتراض عبر الصكوك يسحب سيولة محلية من البنوك ويؤثر على فرص الاقراض للقطاع الخاص وهذه الصكوك لنفقات استهلاكية ورواتب، وبدون ذلك ستبقى سيولة من لايرغب بالصكوك مجمدة تبحث عن اي فرص ولو خارجية في وقت يشتكي ملاك المنشآت من الركود ودفع إيجارات ورواتب وقروض وكخسائر يصعب تعويضها.