مع نهاية مواسم الإجازات السنوية يتزايد التناول الإعلامي لإحصاءات السياحة الخارجية والتركيز على حجم الإنفاق وتصاعد ملياراتها سنوياً التي وصلت (100) مليار ريال للعام الماضي مع نشر تحليلات تنظيرية عن أسباب تلك الزيادة وما يجذب المواطنين في الوجهات الخارجية بهدف السعي لتوفيرها محلياً للإبقاء على تلك المليارات، متجاهلين أن أحد أسباب تزايد الإنفاق الخارجي خلال مواسم الإجازات هو جشع التجار وانتشار أساليب الغش وسوء المواصفات.
وبعيداً عن عوامل فشل السياحة المحلية وضعف العائد الذي يحصل عليه المواطن وعائلته مقارنة بحجم التكلفة، فإن التركيز على إبراز مليارات السياحة الخارجية بأنها نفقات ترفيهية قد لا يكون دقيقاً وخاصة خلال السنوات الأخيرة التي شهدت السياحة الخارجية تغيراً نوعياً في شريحة السياح واشتمالها على نسبة من الشريحة الأقل دخلاً وكعائلات تدفع جزءًا من دخلها أو بالقروض ليس فقط للترفيه وشراء الهدايا بل لشراء احتياجات معيشية لما بعد موسم الإجازات! ومع أن هناك من ينفق ببذخ خلال السفر على السكن ونفقات السياحة، إلا أن الحقيقة التي يجب أن لا نتجاهلها وهي وجود نمو في الوعي الاستهلاكي للكثير من الأسر ابتدأ بالتوسع في الشراء عبر المواقع الالكترونية ثم استغلال موسم السياحة الخارجية في التسوق لاحتياجات مازالت تسوق لدينا بأسعار عالية وجودة منخفضة وذلك عبر اللجوء لشراء المستلزمات النسائية وأدوات التجميل والعطور غير المغشوشة والملابس الشتوية والصيفية لكافة الأعمار وبعض الأجهزة التي نعاني من رداءة ما يتم استيراده من دول شرق اسيوية! بل إن معظمنا أصبح يحضر بعض الأدوية من الخارج والتي تباع في أسواقنا بضعف الأسعار التي تباع فيها بدول متقدمة مع أنها منتجة من نفس الشركة الطبية، إضافة إلى أن جزءًا من المليارات المصنفة كمصروفات للسياحة الخارجية تمثل نفقات استثمارية ومعيشية لمن يمتلك سكناً خارجياً أو لمتقاعدين يقضون أشهراً طويلةً بدول رخيصة المعيشة لتعويض تدني الراتب التقاعدي.
ولذلك عند تناول ارتفاع نفقات السياحة الخارجية يجب أن لا نغفل أن من ضمنها مبالغ ليست لها علاقة بالسياحة بسبب مقارنات الأسر بين تكلفة السياحة الداخلية والخارجية والعائد من ذلك ومنها استغلالها كفرص تسوق لاحتياجات ضرورية لباقي العام كانت ستنفق للتجار محلياً لاستيراد تلك الاحتياجات بأسعار مبالغ فيها وبمواصفات أقل مما يتم تصنيعه للدول الأخرى، وهو ما كان يجب إبرازه للضغط على شركات الاستيراد الوطنية التي تسببت في لجوء الكثير منا لإحضار احتياجات الأسر خلال مواسم الإجازات.
التعليقات