منذ الإعلان عن برنامج التحول الوطني كأحد برامج رؤية 2030 والإعلان عن الرؤية بمؤشراتها ومستهدفاتها لم أجد إلا عددا قليلا ممن أعرف من استطاع فهم عناصر الرؤية وبرامجها وآليات عملها بشكل شامل، وغالب الظن أن السبب أن الرؤية وبرامجها تعمل بناء على منهجيات فنية جديدة تتبعها تفاصيل كثيرة ليست على ما اعتاده الناس سابقا. إنها فلسفة عمل جديدة تقوم على تطبيق منهجيات لإدارة الاستراتيجيات والمشاريع تتطلب نوعا جديدا من الفهم والمهارة. لذلك تجد من يعمل على تنفيذ الرؤية قد اطلع وتدرب على آليات العمل الجديدة، وقد كون فهما أعمق من غيره. لكن الواقع أن الرؤية عميقة وتحتاج إلى مزيد من المعرفة والوعي.

كنت في زيارة عمل إلى خارج المملكة والتقيت بعدد من الخبراء ورأيت أنه من المناسب أن أقدم لهم عرضا مختصرا عن الرؤية وبرامجها وآليات التنفيذ، وكانت دهشتي كبيرة عندما بدأت الإعداد للمحاضرة للكم الكبير من المعلومات التي توفرت لدي بعد بحث قصير. كانت ردود الأفعال بعد العرض الذي قدمته رائعة، بل كانت بعض التعليقات تشي بالأسف لعدم وجود مثل هذا البرنامج الشامل في عدد من الدول الصناعية. خرجت من المحاضرة بطلبات متنوعة، منهم من يريد متابعة نتائج تنفيذ الرؤية دوريا ويسأل عن مصادر المعلومات، آخرون طلبوا معلومات تفصيلية عن آليات التنفيذ ومنهجيات المتابعة.

رغم أن حجم المعلومات التي قدمت كثير في مدة تقترب من الساعتين، لكن المعلومات التي لم أقدم والتي لم تتوفر لدي أكثر من ذلك؛ ومع توفر هذه المعلومات، وهي معلومات ثرية ومهمة، يتبادر إلى ذهني عن سبب غياب فهم الرؤية عند شريحة من المتابعين للشأن العام. فرغم توفر المعلومات إلا أنها تمثل في كثير من الأحيان شريحة زمنية واحدة من عمر الرؤية.توجد تقارير مبتسرة عن الرؤية، مثلا تقرير نشرته الفايننشال تايمز مؤخرا عن التغييرات الهيكلية التي تجري في برامج الرؤية، وغيرها من التقارير التي لا تعكس الصورة كاملة. ما تحتاجه الرؤية هو مركز للمعلومات ومعرض دائم يكون منطلقا للتعريف ببرامج الرؤية وآليات عملها مع تقديم معلومات موجهة للعموم عن الرؤية بأسلوب مبسط مع عرض قصص النجاح والصعوبات والدروس المستفادة. الرؤية تتضمن أوجها عديدة لا يمكن الإلمام بها دون توفر معرفة كاملة بالآليات التنفيذية للرؤية إضافة إلى عناصر الرؤية الأخرى، ولنشر معرفة عميقة عن الرؤية لابد من توفير المعلومات وإيصالها باستخدام أحدث أساليب التواصل.