عندما تدقق قليلاً في شخصية الشيخ محمد بن إبراهيم السبيعي الراحل -رحمه الله- سترى أن المثل القائل: "فاقد الشيء لا يعطيه" ليس صحيحاً، فقد عرف الشيخ ألم الفقد واليتم لكن لم يمنعه ذلك من أن يداوي جراح من فقدوا أهلهم، أو أحداً منهم، فكانت يده ممدودة إليهم بسخاء، من خلال "مؤسسة محمد وعبدالله بن إبراهيم السبيعي الخيرية" التي تبنت العديد من المشروعات الاجتماعية التنموية الخاصة بالأيتام ومنها "مشروع بناء القيم التربوية لليتيم"، كما كان عضوًا مؤسساً في جمعية رعاية الأيتام (إنسان)، إضافة لحرصه على توفير كفالة سنوية للأيتام في أنحاء المملكة المختلفة.

كان -رحمه الله- من الشخصيات التي أثرت في الاقتصاد السعودي بشكل واضح، فقد جمع بين البر وتنمية الحراك الاقتصادي بوتيرة واحدة، ومن ذلك جهوده في إنشاء أوقاف ذات عوائد ضخمة، يُخصص ريعها لدعم المشروعات الخيرية المختلفة في أنحاء المملكة، وحرصه على توفير فرص عمل تفيد أصحابها وكذلك الاقتصاد نفسه، فكان أن قام بتأهيل المئات من فتيات الأسر الفقيرة لسوق العمل في وظائف (الخياطة والتطريز- التجميل والتزيين - الحاسب الآلي)، وكذلك تأهيل الكثير من الشباب الفقراء لسوق العمل في عدد من المهن الصحية وغيرها.

لقد كان من نعم الله على الشيخ محمد السبيعي أن رأى أثر جهوده الخيرية في حياته، حيث شاهد المئات من الشباب السعودي غير القادر على الزواج يبني بيتاً وتستقر حياته بفضل الله ثم بجهود السبيعي، الذي كان يؤمن بأن ارتفاع معدلات الطلاق بحاجة إلى دورات تمهيدية لتدريب الأزواج على مهارات الحياة الزوجية، فكان أن مول ودعم الكثير منها.

ومن بين القناعات التي تعجب من يقرأ سيرة الراحل -رحمه الله- إيمانه العميق بأن الاستثمارات المربحة، هي تلك التي تسهم في زيادة الإنتاج الصناعي والزراعي للمملكة، وأن توظيف المال في القطاعات الإنتاجية يحقق للمستثمرين ربحًا، كما يوفر فرص عمل متنوعة للشباب، وكذلك إيمانه بأهمية تعلم اللغات، أي ضرورة العلم بجانب العمل، وحرصه على قراءة قصص نجاح المكافحين للاستفادة منها في تكملة مشوار النجاح.

ليس هناك ما أختم به هذه الكلمات عن الشيخ البار سوى كلماته نفسه: "إنّ من نعم الله على الإنسان الذي يعمل في المؤسسات الخيرية أن أعطاه شيئين : وظيفة في الدنيا يكسب منها المال؛ وأجرًا في الآخرة على الأعمال التي يخدم بها الفقراء والأيتام والمحتاجين، وأنت رغم أنك تأخذ المال إلا أنك في طاعة وخدمة جليلة".

نسأل الله أن تثقل أعماله هذه كفة ميزان حسناته، وأن يرزقه الله الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يلهم الله أهله ومحبيه الصبر والسلوان ؛إنا لله وإنا اليه راجعون.

الشيخ محمد السبيعي