يدخل قاعة المسرح ويختار الصف الثالث.. وتحديداً الوسط.. يضع كاميرا الفيديو على حاملها ويهيئها للتسجيل.. يضغط زر التسجيل مع بداية العرض المسرحي.. ليوثقه، ينتهي العرض المسرحي وتبدأ الندوة التطبيقية للمسرحية.. يحمل كاميرته ويضعها في الوسط قبالة المتحدثين ويرصد كل ما يدور في النقاش حول ذلك العرض المسرحي.
المشهد هذا بطله الفنان المسرحي علي عبدالعزيز السعيد، الذي لم تتوقف علاقته بالمسرح بالتمثيل والكتابة والإخراج بل كرّس وقته وجهده لرصد المسرح السعودي وتوثيقه، ومن ضمن ذلك قناته عبر "اليوتيوب" أرشيف المسرح السعودي، وهذه القناة متخصصة بتقديم العروض المسرحية والندوات الفكرية واللقاءات التلفزيونية والإذاعية والتقارير الإخبارية عن الأنشطة المسرحية، وذلك لتوثيق الحركة المسرحية في المملكة العربية السعودية، وتأتي كأحد أنشطة أرشيف المسرح السعودي الذي أسسه علي السعيد خدمة للباحثين والدارسين في مجال المسرح وللمهتمين بالمسرح السعودي.
وكما تحدثت في الأسبوع الماضي عن جهد الصديق خالد اليوسف في رصد الأدب في المملكة، يقوم علي السعيد بجهد مماثل ومواز برصد كل ماله علاقة بالمسرح السعودي، متجاوزاً البيانات الببليوغرافية إلى إيجاد مركز معلومات في منزله يشتمل على كل الدراسات والكتب التي تحدثت عن المسرح السعودي وما كتب عنها في الصحف والمجلات، إضافة إلى النصوص المسرحية.
هذه جهود أفراد أشبه بجهود مؤسسات، أحبوا وأخلصوا للثقافة والفن والتراث في المملكة العربية السعودية، قاموا برصده في غياب للمؤسسات الثقافية، الأمر لا يتوقف على الأدب والمسرح ولكن حتى في التراث هنالك أشخاص أخلصوا للتراث وحولوا منازلهم إلى متاحف، ورصدوا الألعاب الشعبية والملابس القديمة والحرف. بعضهم رصدها في كتب مثل محمد القويعي رحمه الله، وهنالك من هيأ بيته للباحثين.
لقد أصبحت قناة المسرح نافذة على الحركة المسرحية في المملكة، فمن خلالها يستطيع أي شخص أن يتابع التجارب لكثير من المسرحيين السعوديين، وبالذات العروض التي تمثل المملكة في الخارج وتحصل على جوائز. وحيث إن أغلب العروض، تقدم في مدن محددة، وعروضها لاتتجاوز أصابع اليد الواحدة، فهذه القناة تتيح لكل مهتم بالمسرح أن يشاهد العرض وأحياناً يكون متبوعاً بجلسة نقدية.
أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد زيادة في العروض، وتوجه لدعم المسرح، لذا فهي فرصة للمؤسسات الثقافية لوضع مركز معلومات للفنون ومن ضمنها المسرح.
التعليقات