تهتم كثير من المخطوطات بأسرار الأحداث التاريخية بما يسهم في خدمة الأمة بحفظ تراثها على مر العصور،وإحيائه مرة أخرى سواء بتقديم أخبار جديدة أو إضافات مهمة، وفي بعض الأحيان في تكرار الوقائع والأحداث وإعادتها كما هي في قولب معينة.
ومن هذا الرأي الأخير ما ينطبق على هذه المخطوطة التي نحن بصدد استعراضها الموسومة بعنوان:
(بهجة المحاضر وسرور الناظر فيما من الله به على أهل نجد من الشرف والمفاخر...).
للمؤلف الشيخ راشد بن علي بن عبد الله بن محمد بن جريس الحنبلي مذهبا النجدي موطنا الذي عرف له كتاب آخر مطبوع بعنوان: (مثير الوجد في أنساب ملوك نجد) طبع في سنة 1379 ه الذي ترجم له عبد الرزاق البيطار في حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر 2/626 باسم الشيخ راشد بن على النعامى من آل جريس وذكر أنه توفى في أوائل القرن الثالث عشر.
وصف المخطوطة:
تقع المخطوطة في 178 ورقة نسخت في أواخر القرن الثالث عشر الهجري وهي منقولة من نسخة المؤلف التي بدأ تدوينها في سنة 1288ه. والمخطوطة مكتوبة بخط الشيخ المتقن مع استخدام المداد الأحمر في عناوين رؤوس الموضوعات.
والمخطوط ناقص في آخره كما أشار الناسخ بقوله: (آخر ما وجدت) مع ترك الناسخ بقية الورقة دون الكتابة عليها وتوقفت حوادثها إلى سنة 1212ه.
مصادر المؤلف:
أشار المؤلف إلى بعض مصادره التي استقى منها هذا التاريخ
فقد ذكر في المقدمة عددا من الأعلام في التاريخ الاسلامى الذين اهتموا بذلك السخاوى والمحدثين كالبخاري وابن القيم وغيرهم الكثير.
أما من نقل عنهم في تدوينه لتاريخ الدعوة التي ظهرت في نجد بعد قيام الدولة السعودية الأولى عام 1157ه فقد نص ابن غنام ( ت 1225ه ) في كتابه روضة الأفكار وابن بشر ( ت1290 ه ) في كتابه عنوان المجد والشيخ عبد لرحمن بن حسن آل الشيخ ( 1285ه ) في كتابه المقامات وغيرهما من المصادر والقصائد المتفرقة كاالصنعاني والشيخ أحمد الحفظي كما ذكر ذلك في مواضع متفرقة.
محتوى المخطوطة:
بدأ المؤلف بالمقدمة التي تعد فاتحة الكتاب مبينا فيها أهمية التاريخ وفوائده ومدى الاستفادة منه مستشهدا بأقوال بعض العلماء الأعلام الذين كتبوا في هذا الفن كابن عساكر والسخاوي كما في كتابه المعروف: (الإعلام بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ).
ثم أشار المؤلف لكيفية اتخاذ المسلمين التقويم الهجري واتفاقهم في ظهوره بالصورة التي رأيناها اليوم.
بدأ المؤلف حديثه بعد البسملة والاستعانة بقوله «الحمد لله الذي أرشد عقول أوليائه إلى توحيده، وهداها وثبت كلمة الإيمان في قلوب أهل الأيمان». ثم يشير إلى علم التاريخ بقول: (أما بعد فإن علم التاريخ من أجل ما فيه يرغب وأعظم ما يلتمس ويطلب لما تضمنه من الفوائد الجليلة واشتمل عليه من العوائد الجميلة..).
ثم يشير المؤلف في نهاية هذه الورقة إلى خطته التي ينوي إخراجها وطرحها في تتبع تاريخ هذه الدعوة التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب بقوله: فأظهرت ما خفي من فخارهم ودلت على مراتبهم في المعارف وأقدارهم فانتخبت ما جلبت ونسقت ما صنفت بذكر ظهور شيخ الإسلام وبركته الإمام محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الثواب وأرخت وفاته وذكرت ما أولاه مولاه من النور الساطع..)
ثم يشير إلى من قام بمؤازرته من آل مقرن (آل سعود) بقوله: (وصنفته فصولا ذكرت فيها مناقب أنصار الدين وأئمة المسلمين الداعين إلى توحيد رب العالمين المجاهدين في سبيل الله الذين شهروا أسيافهم على أهل الشرك حتى عملوا لا إله إلا الله صفوة القرن الثاني عشر الذين أحيوا سنة سيد البشر آل مقرن ملوك العرب..).
ثم تحدث المؤلف عن تاريخ تصنيفه لهذا الكتاب واسمه وذلك بقوله:
وكان ترتيبي له في شهر صفر من شهور 1288ه وسميته: بهجة المحاضر وسرور الناظر.. ويؤكد ذلك اشارته للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (1225ه - 1293ه ) حيث ذكره بالدعاء وطول العمر.
ثم أعقب ذلك في الورقة السادسة فصلا بعنوان:
(فضل العلم والعلماء والمتعلمين) التي بين فيها فصولا عديدة من الفرق الإسلامية واعتقاداتها وتعريفات مختلفة للكفر والشرك والنفاق والتوبة والقول على الله وفضل التوحيد وغيرها. ثم بدأ المؤلف من الورقة (15) بالحديث عن مادة هذا الكتاب وشروعه بذكر الحوادث والغزوات في فصل جاء عنوانه هكذا:
(ذكر الغزوات الإسلامية والوقعات البدرية والعزمات الصديقية والفتوحات العمرية التي جددت للإسلام أيام القادسية والملاحم اليرموكية والمنازلات الخيبرية والهجمات الخالدية) وابتدأت هذه الحوادث وأخبار السنين سنة 1153ه.وذكر هجرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب من العيينة إلى الدرعية (ورقة 18-19 ) وبدأ في الورقة (20) بفصل في أول الغزوات والحروب التي قامت بين الدرعية والرياض واشتملت هذه الحوادث على هذا الكتاب من الورقة 20 إلى ورقة 75. مع ذكر رسائل الشيخ وكثير من الوقعات و الحروب الأخرى والغزوات المختلفة إلى أن وصل إلى حوادث سنة 1212ه وتوقف عندها. ونسخة الكتاب محفوظة في مركز المخطوطات والتراث والوثائق في جامعه المدينة المنورة وتقع في 89 ورقة. فهل يقوم المهتمون والباحثون بالعمل على تحقيقها ونشرها أم تخرج عن طريق المراكز العلمية في بلادنا كدارة الملك عبد العزيز أو مكتبة الملك عبد العزيز العامة نظراً لما يتمتع به هذان الصرحان الكبيران من دعم كبير في بلادنا العزيزة.
٭المحرر
التعليقات