في السابع من تموز يوليو 2017، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن محادثات إعادة توحيد قبرص انهارت بعد جلسة ختامية عاصفة، شهدتها الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم.

وقال مصدر لوكالة رويترز "لا أعلم إلى أين يمكن أن تذهب (المحادثات) من هنا".. لا أعتقد أن هناك شعورا بالثقة. كنا قاب قوسين أو أدنى بالفعل".

وفي تعليقها على هذه التطورات، قالت بريطانيا، وهي إحدى الدول الأربع الضامنة لأمن قبرص، بأنها تشعر باحباط شديد، وأنه "حان الآن وقت التفكير الهادئ وبحث الخطوات المقبلة. التزامنا بالتوصل لاتفاق لا يزال راسخا".

وكانت القاعدة البريطانية في نيقوسيا قد استضافت معظم المحادثات الرامية لإعادة توحيد الجزيرة. وتعد بريطانيا ذات حضور تجاري ومدني بارز في الشطرين القبرصيين، وهي الدولة الأوروبية الوحيدة التي لديها مثل هذا الحضور.

وقبرص هي أكبر جزيرة في شرقي المتوسط، وتنقسم منذ العام 1974إلى قسمين: تركي (3355 كم2) ويوناني (5896 كم2).

وتمتد خطوط وقف إطلاق النار بين الشطرين حوالي 180 كيلومتراً عبر الجزيرة. وتختلف المنطقة العازلة بين الخطوط في عرضها من أقل من 20 متراً إلى نحو 7 كيلومترات، وتغطي نحو ثلاثة في المائة من مساحة قبرص.

وأصبح الالتزام الصارم بالوضع العسكري الحالي في منطقة العزل، كما تسجله قوات الأمم المتحدة طوال الوقت، عنصرا حيويا في حفظ الأمن. وتقوم القوة بالمراقبة من خلال نظام لمواقع المراقبة وجوا وبالمركبات وبدوريات راجلة.

وفي 26 كانون الثاني يناير 2017، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره بالرقم (2338)، حول تطورات الأزمة القبرصية، الذي طلب من كافة الأطراف السعي لبذل كل ما يُمكن لتسريع الوصول إلى تسوية متفق عليها.

ورأى المجلس بأن الحالة في المنطقة العازلة بين الشطرين سوف تتحسن إذا قبل الجانبان مذكرة عام 1989 التي تعتمدها الأمم المتحدة.

ورحب القرار بالجهود الرامية إلى تعزيز الاتصالات بين الطائفتين القبرصيتين التركية واليونانية، وحث على تعزيز المشاركة الفعالة للمجتمع المدني، بما في ذلك الهيئات النسائية، وتشجيع التعاون بين المؤسسات الاقتصادية والتجارية في الشطرين، وإزالة جميع العقبات التي تحول دون ذلك.

وقد قمت بثلاث زيارات عمل إلى قبرص، خلال السنوات العشر الأخيرة، التقيت خلالها بالقيادات السياسية والأحزاب ومواطنين من عامة الناس.

وأنا شخصياً أحترم الجميع، ويعرفني الناس في قبرص كصديق قريب، لم أفارقهم يوماً لا بقلبي ولا بقلمي. وذكرياتي مع هذه الجزيرة الجميلة تمتد منذ سنوات شبابي اليافعة، حيث كنت أمضي الساعات الطوال على شواطئ ليماسول وفاموغستا.

ولقد شعرت بالحزن والاحباط لما آلت إليه محادثات التسوية الأخيرة في سويسرا. ويُمكنني القول، من موقعي كعالم بتفاصيل المسألة القبرصية، بأنه لا توجد في الوقت الراهن أية قضية غير متفق عليها بين الشطرين القبرصيين. وما حدث في السابع من الشهر الجاري هو أن طلباً إجرائياً قد طرح من خارج جدول الأعمال، وأدى لانهيار المحادثات.

إن ما حدث شبيه بقصة بائعة البيض، التي اختلفت مع الزبون حول ما إذا كان عليها أن تعطيه البيض أولاً أم تستلم النقود قبل ذلك. هذه هفوة كبيرة ما كان ينبغي لأحد الوقوع فيها. فالعمل الدبلوماسي لا بد أن يستند إلى هامش مقبول من الثقة المتبادلة.

أرجو أن أرى قبرص، أرض الصنوبر، وقد عادت موحدة. هذا هو مطلب الناس الذين التقيتهم خلال زيارتي الأخيرة إلى ليدرا، على تخوم الشريط الفاصل بين الشطرين القبرصيين، حيث يقف أصحاب القبعات الزرق. وعلى المجتمع الدولي أن يفعل كل ما في وسعه لحل القضية القبرصية، باعتبار ذلك إحدى ضرورات الأمن والاستقرار الدولي.