ما هو مستقبل المسألة الكشميرية؟ وهل تدفع البيئة الدولية الراهنة باتجاة تعزيز احتمالات الحل؟

لقد ظلت كشمير موضع نزاع هندي باكستاني منذ أواخر العقد الرابع من القرن العشرين. وفي هذا النزاع، استنفدت الدولتان كافة الأدوات المادية والنفسية، وكافة فضاء علاقاتهما الخارجية، وعناصر البيئة الدولية عامة.

وحتى اليوم، لم تسفر أي من المقاربات عن تسوية مرضية، أو توافقية، واستمر النزاع عامل ضغط كبير على البلدين، كما الأمن الإقليمي عامة.

وقد عرضت الهند وباكستان قضية كشمير على مجلس الأمن الدولي، في الأول من كانون الأول يناير 1948، وانصرف المجلس إلى معالجة هذه القضية عبر عدد من القرارات، تضمنت اتفاقا لوقف اطلاق النار في جامو وكشمير, واتفاقية للهدنة بين البلدين, واجراء مشاورات مع اللجنة المشكلة من مجلس الأمن لتحديد الشروط العادلة والمنصفة التي تكفل التعبير الحر عن إرادة سكان كشمير وفق حق تقرير المصير.

ورغم جهود مجلس الأمن مع الطرفين, فقد اخفقت الأطراف في اجراء الاستفتاء الاقليمي بفعل غياب أساس مشترك لادارة الاستفتاء, بيد أن الأقليم خضع عمليا للتقسيم بالقوة منذ ذلك التاريخ. فقد أدى خط وقف اطلاق النار إلى تقسيمه إلى قسمين خضع بموجبه 3/2 الاقليم و5/4 السكان للادارة الهندية.

ويحتل اقليم جامو وكشمير موقعا مهما في جنوب القارة الآسيوية, فحدوده الشرقية والشمالية الشرقية تتاخم حدود الصين مع التيبت وسنكيانغ, وفي الشمال الغربي يقع شريط ضيق في افغانستان (شريط واخان) وعلى بضعة أميال منه يقع اقليم تركستان, وفي الغرب والجنوب الغربي تقع باكستان وفي الجنوب الهند.

وبعد بسط الصين عام 1962 لسيادتها على التيبت حدث تغيير جذري في الحدود الصينية ـ الهندية, على حساب الحدود بين كشمير وكل من سينكيانغ والتيبت. وأدى ذلك إلى تطور علاقات الصين بباكستان, بقدر توترها مع الهند, وتجسد ذلك في توقيع اعلان اتفاق الحدود الصينية الباكستانية في آذار مارس 1963.

تاريخياً، استندت باكستان إلى الأغلبية الإسلامية, والاعتماد الاقتصادي المتبادل مع الاقليم. أما الهند, فقد استندت إلى موافقة حاكم الأقليم الهندوسي على الانضمام إلى الهند، بعد ما ترك موضوع الانضمام للأمير في كل امارة.

واندلعت ثلاث حروب بين الهند وباكستان على خلفية النزاع على كشمير، كانت الأولى في العام 1947 ـ 1948، أي بعيد استقلال البلدين مباشرة. والثانية في العام 1965، والثالثة في العام 1971، حين تدخلت الهند لدعم المجموعات التي اشتبكت مع الجيش الباكستاني في البنغال، في حرب أهلية أسفرت عن ولادة دولة جديدة هي بنغلاديش.

اليوم، هناك من يعتقد أن احتمالات الحرب بين البلدين قد توارت إلى حد بعيد، ولم يعد لها من معنى في ظل القدرات النووية المتقاربة، إذ من شأن الحرب أن تقود إلى زوال الدولتين معاً من خارطة العالم.

بالطبع، هذا استنتاج صحيح من حيث المبدأ، إلا أنه لا يصح أن يكون سبباً للجمود، وغياب التسويات.

البيئة الدولية الراهنة يُمكن اعتبارها، على نحو مجمل، بيئة دافعة باتجاه التسوية، أو على الأقل معززة لبعض مداخلها.

في الوقت الراهن، تعتبر كل من الولايات المتحدة وروسيا قوتين قريبتين من كل نيودلهي وإسلام آباد، على نحو مجمل وعام، رغم تفاوت التفاعلات.

كذلك، فإن دولاً أوروبية رئيسية تقف على مسافة واحدة من الدولتين الهندية والباكستانية. ومثال على ذلك بريطانيا.

من جهة أخرى، إن مستقبل التسوية في أفغانستان تتطلب تعايشاً باكستانياً هندياً، أو على الأقل حد أدنى من التنسيق بينهما.

إن المطلوب اليوم هو تحرك دولي مشترك باتجاه التسوية الدبلوماسية. وهذه التسوية ليست مستحيلة، والمجتمع الدولي معني بالتحرك على هذا الأساس.