تعرضت الجارة الشقيقة باكستان، قبل أيام، لحادث أليم، أسفر عن مصرع أكثر من 150 شخصاً، وإصابة نحو مائة آخرين، مما شكل كارثة وطنية، استوجبت مساندة المجتمع الدولي وتعاطفه.

والأمر هنا يتعدى كونه مجرد حادث، بل أزمة إنسانية، أصابت مئات الأسر، ووضعت الكثير منها في مهب الريح.

هناك مشكلة في التعرف على الضحايا، ومشكلة في متابعة علاج المصابين، ومشكلة في رعاية أسر الضحايا. والدولة الباكستانية لا يُمكنها لوحدها إنجاز كل شيء. وهذا يعني أن المجتمع الدولي معني بالتحرك لمواكبة الحادث، سواء عبر مؤسسات الأمم المتحدة، أو المنظمات الإنسانية المستقلة، أو سلطات الدول المختلفة.

وإذا لم يحدث ذلك، وبالسرعة المطلوبة، فإن الكارثة سوف تتضاعف، وتستمر معاناة الناس.

إننا بصدد كارثة إنسانية، بالمعنى القانوني، تستوجب مساندة ورعاية الأسرة الدولية، وتضامنها، وفقاً للأعراف مرعية الأجراء.

ووفقاً لمنطوق وروح القانون الدولي الإنساني، فإن هؤلاء الضحايا يستحقون الدعم العاجل والفوري، على مستوى التأهيل الطبي والسيكولوجي والمعيشي.

وإذا كانت الأسرة الدولية معنية بذلك في المجمل، فإننا هنا في منطقة الشرق الأوسط، في طليعة المعنيين، وأول من عليه التحرك ومد يد العون للضحايا وأسرهم، مباشرة أو عبر السلطات المختصة في الجارة الشقيقة باكستان، التي تربطنا بها أواصر الثقافة والحضارة والتاريخ المشترك، ووحدة المصير.

وبالطبع، فإن هيئات إنسانية عديدة متواجدة في الأصل في باكستان، إلا أن أنشطتها منصبة على اهتمامات أخرى، ومن المشكوك فيه تماماً قدرتها على مواكبة هذا الحدث لوحدها، من دون دعم إقليمي ودولي خاص.

وهناك تجارب كثيرة في باكستان توضح كيف يُمكن أن تسير تطورات هذا الحدث الأليم، باتجاه التأزم أو الحلحلة، علماً أن لا شيء يعادل الأرواح البريئة التي ذهبت ضحية هذه الكارثة. إذا حدث تحرك داعم لجهود السلطات المحلية فسنكون أمام احتواء أكثر فاعلية لتداعيات الحدث، وإذا لم يحدث ذلك فإن المعاناة قد تطول، فهذه السلطات لا يمكنها اجتراح المعجزات.

وفي تفاصيل الحدث، قالت السلطات المحلية إن 153 شخصاً على الأقل قتلوا جراء انفجار حاوية لنقل الوقود بالقرب من مدينة أحمدبور شرقي البلاد. وإن الشاحنة انقلبت على الطريق في منطقة كراتشي بول، على بعد ثمانية كيلومترات من مدينة أحمدبور.

ووفقاً للسلطات المحلية، فقد كانت الشاحنة تحمل 25 ألف لتر من النفط لتنقلها من كراتشي إلى لاهور في إقليم البنجاب.

وحسب وسائل الإعلام الباكستانية، فقد أدى الحريق إلى اشتعال النيران في ست سيارات، و12 دراجة نارية على الأقل جراء انفجار شاحنة الوقود.

وقالت هذه المصادر: إن المقيمين على جانبي الطريق هرعوا إلى موقع الحادث حاملين آنيات محلية لملئها بالوقود، واتصلوا بأقارب لهم في القرى المجاورة ليشاركوا في جمعه، والذين استجابوا بسرعة وانضموا إليهم. وفجأة، اندلع حريق هائل في الشاحنة وشبت النيران في كل من كانوا في موقع الحادث.

ولا تتوفر في مركز الرعاية الصحية في مدينة أحمدبور الشرقية ومستشفى باهاوال العلاجات المتخصصة في علاج الحروق، ما استدعى نقل عديد من المصابين إلى مستشفى نشتار في مدينة مولتان، ونقل آخرون إلى مستشفيات في باهاوالبور التي تبعد خمسين كيلومتراً عن موقع الحادث، كما أرسلت مروحيات تابعة للجيش إلى مكان الحادث لنقل الضحايا إلى مستشفيات مختلفة.

كل العزاء والمواساة للضحايا وأسرهم الكريمة، ولكل الأهل الكرام في الجارة العزيزة باكستان، حفظها الله من كل سوء ومكروه.