لا أدري مطلقاً هل هي جدلية المركز والأطراف أم تكريس للصورة النمطية للخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، أقول هذا وأنا أتابع ما بثته وسائل الاتصال الجديد كصدى لفوز الصديق محمد حسن علوان بجائزة البوكر للرواية عن روايته "موت صغير"، لو كان الفائز من إحدى الدول التي ترى أنها هي مركز الثقافة والإبداع، هل سيكون هذا الجدل، هل سيكون ذلك التشكيك، هل سيبحث الأدباء والنقاد والمهتمون بالرواية عن أصل الرواية، ويبحثون عن أعمال مشابهة، أو ينبشون التاريخ للبحث عن كتابة مقاربة. 

أسئلة مزعجة لي، ولكل غيور على الثقافة والإبداع في المملكة، لأن كل عمل متميز يصدر من هذه البلاد سيدخل في دائرة الشك، ونحن نتذكر ما يتداول في دهاليز الثقافة العربية أن ما يكتبه ذلك الكاتب الخليجي يقف خلفه الأديب العربي الذي يعدل له كتابته ويصححها إن لم يكن يكتب له العمل كاملاً، كأن كل من ينتمي إلى المملكة وأيضاً دول الخليج العربية غير قادر على الإبداع، وهذه كما قلت الصورة النمطية.

ربما الآن خفت الزوبعة، ولكن هنالك ملاحظة أزعجتني كثيراً، ألا وهي برود المشهد الثقافي في المملكة تجاه ما يحققه بعض المبدعين من نجاحات في الخارج، بل المؤسف هو تصيد الأخطاء، أو تناقل ملاحظات الآخرين عبر قنوات التواصل الحديثة، حتى أن مقالاً لكاتب عراقي يتهم محمد حسن علوان بأخذ رواية "موت صغير" من رواية عراقية، تناقلته مواقع التواصل وانتشر كالنار في الهشيم، وحصل على مقروئية داخل المملكة لا يحلم ذلك الكاتب أن يحصل عليها طوال عمره، صدقوني ثمة خلل في المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية، لتكون هنالك مقارنة بين أصداء فوز ساق البامبو لسعود السنعوسي في الكويت (كمثال) وأصداء فوز عبده خال أو رجاء عالم أو محمد حسن علوان في المملكة، جميعهم يستحقون الفوز، ثمة فرق كبير، أليس من المفترض أن يُخصص صفحة للحديث عن هذا الإنجاز، على الأقل، أليس من الأولى أن يُعقد ندوة حول الرواية في إحدى الأندية الكبيرة، أنا لا أتكلم فقط عن رواية علوان، بل أي منجز ثقافي يحقق حضوراً في الخارج يجب أن نفرح بإنجازه، ألا نفرح بفوز المنتخب، أو فريق سعودي على فريق غير سعودي ولو بضربة جزاء مشكوك فيها ونقول المهم النتيجة، أنا لا أحب المقارنة مطلقاً، ولكن باستمرار البرود حيال المنجز الإبداعي للسعوديين نكرس الصورة النمطية، ونبقى ليس في الأطراف بعيداً عن المركز بل بالهامش المهمل.