نُظر إلى القمة الأميركية الإسلامية، في المملكة العربية السعودية، باعتبارها فرصة لإعادة تأكيد المجتمع الدولي على أولوية العمل المشترك في مواجهة الإرهاب.

ما الذي يُمكن قوله على هذا الصعيد؟

خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، وتحديداً بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، شهد العالم الكثير من الندوات التي تصدت لمقاربة التعاون الدولي لمواجهة الإرهاب، كما أصدر مجلس الأمن عدداً من القرارات في هذا السياق.

لقد شهد العقد الماضي ما يُمكن وصفه بأكبر جهد بحثي لدراسة وتحليل ظاهرة الإرهاب، وسبل التصدي لها، على المستويات الإقليمية والعالمية، كما الوطنية أيضاً.

يُمكن إحالة بعض الرؤى، التي جرى طرحها، إلى نقاشات العقد السابع من القرن العشرين، الذي شهد شيوع "المدرسة الإقليمية"، أو "المدرسة التنموية الإقليمية"، ونهر الأفكار الذي تدفق من خلالها، أو لنقل من خلال مقارباتها ذات الصلة بنهوض المجتمعات في سياق عالمي.

في النقاش العالمي، القديم والجديد، هناك عنصران مركزيان: الأول يتصل بالتعليم والآخر بالإعلام.

التعليم يُمثل مدخلاً رئيسياً من مداخل، أو مسارات، مواجهة الإرهاب.

هذه المسألة تكررت على نطاق واسع، أو لنقل بأنها الفكرة المشتركة في مقاربات المجتمع الدولي ذات الصلة.

ما يهمنا قوله هنا، من وحي النقاشات العالمية الموسعة، أن الاعتناء بالتعليم كمدخل من مداخل مواجهة الإرهاب لا يعتبر مسألة أيديولوجية، ولا صلة له بالخيارات الثقافية والدينية للمجتمعات المختلفة.

هذه القضية يجب أن يلتفت جيداً، لأن بعض الناس، في مناطق مختلفة، ساورهم الوجل، وانتابهم الريب.

يُمكنني التأكيد، من موقعي كأحد الباحثين الذين واكبوا النقاش العالمي، أن ما قصد بمدخل التعليم لا يصطدم مع أي عقيدة دينية في العالم.

إن القضية هنا تتمثل في كيفية الإفادة من الكتاب المدرسي أو الجامعي لغرس ثقافة المحبة والتسامح لدى الأفراد، على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم.

المدخل التعليمي لمواجهة الإرهاب يعني، من جهة أخرى، كيفية تنظيم سلم أولويات الإنسان في الحياة، فمتى أصبح هذا السلم صحيحاً فإن سلوك الفرد يغدو قويماً بوجه عام، أو في الحد الأدنى لا يمثل مصدر خطر على الآخرين.

والمدخل التعليمي أيضاً يعني، في الثقافات العالمية المختلفة، إعادة الفرد إلى الفطرة (أو القلب أو الضمير)، لتغدو دليلاً وموجهاً للتصرف والسلوك، والعلاقة مع الآخر. وهذا يضمن في الوقت ذاته الفرد خلاقاً، وصاحب دور إيجابي مثمر في المجتمع.

وهل يُمكن تأليف كتاب عالمي، وتعميمه على دول العالم، ليزع في الأفراد ثقافة المحبة والتسامح، وقبول الآخر واحترام خصوصياته؟ هذا سؤال وجيه إلى حد بعيد؟

قد يمثل هذا التطور هدفاً تبلغه البشرية في يوم ما. أما اليوم، فثمة تحديات موضوعية تحول دون تحقيقه.

وعلى الرغم من ذلك، هناك حل وسط، يتمثل في إصدار كتب موحدة على مستوى الوحدات الإقليمية، كالأميركيتين، وأوروبا، والوطن العربي، وشمال آسيا، وجنوبها، وجنوبها الشرقي.

يُمكن للبنك الدولي، أو جهة أممية ما، أن ترعى مثل هذا المشروع. ويمكننا أن نتوقع نجاحات أولية في غضون سنوات وحسب.

المهم في فكرة المدخل التعليمي لمواجهة الإرهاب، هو أن هذا المدخل حيوي ومنطقي، ويعد ميداناً نموذجياً للتعاون بين الدول المختلفة، وعلى المستوى العالمي العام.

على صعيد العمل الإعلامي، كأحد ميادين التعاون الدولي في مواجهة الإرهاب، يُمكن القول إن هناك برامج عالمية حققت حتى الآن نجاحاً، أو بعض النجاحات المتفاوتة، والمطلوب تطويرها رأسياً وأفقياً، ومنحها مزيداً من العناية والاهتمام، خاصة وأن عصر الثورة الرقمية قد بشر بمزيد من الفرص والخيارات في هذا الاتجاه.

إن التعاون الدولي في سبيل خير الإنسانية يبقى ضرورة لا غنى عنها، وهو سلوك يستجيب لروح العصر، وينسجم وصيرورة التاريخ.