لقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- واضحاً في خطابه الذي ألقاه على مسمع العالم أجمع في القمة العربية الإسلامية الأميركية، عندما تحدث عن موقف المملكة في مواجهة التطرف والإرهاب، مؤكداً بأن الإسلام دين السلام والرحمة والتعايش، وقد كان حفظه الله دقيقاً في تحديد زمن التغير عندما حدد عام 1979م، وحقيقة كل من عاش قبل هذا التاريخ يشعر بالفرق والاختلاف.
في ذلك الزمن لم نكن نعرف مطلقاً الغلو في الدين، الجميع مسلمون، والجميع سواسية، حتى غير المسلمين يعيشون بأمان، ربما كانت هنالك توجهات سياسية بالذات في الوطن العربي، ولكن لم تؤثر مطلقاً على المجتمع البسيط المتسامح، التغيرات لم تكن واضحة في أغلب دول العالم، ولكن كانت واضحة ومؤثرة ومؤلمة، أثرت كثيراً في بنية الأسرة، وأصبح الشك يغلب اليقين، وتحول الانتماء للوطن إلى انتماء لدول وجماعات تحاول أن تنخر في جسد الوطن.
حكومتنا الرشيدة لم تغفل عن تلك المتغيرات، فوعي قيادتها جعلهم يسعون لمحاربة التطرف والإرهاب ببث لغة الحوار، حوار المذاهب وحوار الأديان، ونحن لا ننسى مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ومخرجاته المهمة، ونظراً لما تحتله المملكة من مركز قيادي للعالم الإسلامي ومكانة مرموقة في العالم كانت مبادرة تشكيل مركز الملك عبدالله للحوار بين الأديان والثقافات، ونهج الحوار سيبقى مساراً مهماً للتعايش بين كل الشعوب والأمم، ولكن تبقى مشكلة الفكر المتطرف والإرهاب، فبعد أن سعت المملكة جاهدة على نشر ثقافة الحوار، بدأت ببث ثقافة مهمة ليس داخل المملكة فحسب بل في العالم أجمع وهي ثقافة الاعتدال، فكان مركز اعتدال العالمي لمكافحة التطرف، الذي يمثل ثمرة للتعاون الدولي في مواجهة الفكر المتطرف، الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأميركي دونالد ترمب، بحضور الزعماء والقادة الذين شاركوا في القمة العربية الإسلامية الأميركية، حيث زود المركز بأحدث التقنيات التي تقوم برصد ومعالجة وتحليل الخطاب المتطرف بدقة عالية، وتفنيد خطاب الإقصاء وترسيخ مفاهيم الاعتدال وتقبل الآخر.
لقد رسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- سياسة هذا المركز بوضوح حيث قال: "نعلن اليوم إطلاق "المركز العالمي لمكافحة التطرف" الذي يهدف لنشر مبادئ الوسطية والاعتدال ومواجهة التغرير بالصغار وتحصين الأسر والمجتمعات ومقارعة حجج الإرهابيين الواهية بالتعاون مع الدول المحبة للسلام والمنظمات الدولية".
هذه كلمات قائدنا، وهذا وطننا العظيم الذي نفخر بالانتماء إليه، نرفع رؤوسنا متباهين بكوننا سعوديين دعاة عدل وسلام ومحبة، نخطو بكل فخر نحو التميز والرقي.
التعليقات