مشهد مسرحي أشاهده دائماً في الملتقيات الثقافية، حين تقام ندوة يشارك فيها مجموعة من ذوي العلاقة بموضوعها، ويديرها رجل غالباً أو امرأة أحياناً، مدير الندوة لديه أربعة مهام، الأولى هي الترحيب بالمشاركين وبالحضور وبالقائمين على الندوة والرعاة، الثانية التعريف بالمشاركين وتقديم سيرة موجزة لكل مشارك، الثالثة تقديم كلمة موجزة عن الندوة والربط بين المشاركين والتعليق القصير على ما تحدثوا به، والمهمة الرابعة وهي الأهم تحديد وقت المشاركة ومراقبته.
المشهد باختصار هو التنبيه على المشارك بعدم تجاوز الوقت ثم تنبيهه بأن لديه دقيقة فقط وبعد ذلك يبدأ الصراع بين المشارك ومدير الندوة بعد انتهاء المدة.
بعض مديري الندوات يفتخر بأنه ديكتاتور، ويخافه الجميع، لأنه ينهي المشاركة ولو لم يكمل المشارك حديثه، أما البعض الآخر وربما هم الغالبية فيتسمون بالديمقراطية يعطون لكل مشارك مساحة ليتحدث بكل ما يريد، وهؤلاء لا يسلمون من الانتقادات لأن بعض المشاركين يتهمهم بالمحاباة، بمعنى أنه أعطى مساحة من الوقت تفوق ما حصلوا عليه، وأحياناً تخرج الندوة عن سيطرة المدير.
مشكلة كثير من الندوات الثقافية أن المشاركين يعلمون أن مدة الندوة لا تتجاوز غالباً الساعتين، و نصيبهم من الوقت عشر إلى عشرين دقيقة، والأوراق التي يعدونها تحتاج لقراءتها قراءة سريعة ساعة أو أكثر، وهنا تكمن المشكلة، نحن نقدر للمشارك حرصه على تقديم ورقة جيدة ومتكاملة، ولكن يفضل أن تطبع تلك الورقة وتقرأ أو تنشر إلكترونياً، وبالنسبة للندوة فمن المفضل أن يقدم خلاصة لها بمدة لا تتجاوز العشر دقائق حتى لا يصيب الحضور الملل، وحتى يكون هنالك وقت للنقاش والتعليق.
أمر آخر هو استخدام التقنية الحديثة فبرنامج مثل " الباوربوينت" يساعد على توصيل الفكرة بصورة جيدة، ويساعد -وهذا هو المهم- على تنظيم الوقت، وبالطبع كل واحد يستطيع أن يستخدم هذا البرنامج، ولكن هنالك من يستخدمه بصورة رديئة، بحيث يصبح وكأنها صفحات يقرؤها من كتاب، بمعنى لا يستخدم الصورة أو النقاط، بل مجرد صف كلمات.
عندما يحضر أي شخص لندوة ما فهو يضحي بجزء من وقته قد يستفيد منه في حياته، فحضور ساعة تحتاج إلى التضحية بأكثر من ثلاث ساعات وربما أكثر من ذلك في مدينة مثل الرياض، قد تكون الندوة أو المحاضرة جيدة، ولكن النسق التقليدي يجعلها سيئة، ربما هنالك مؤسسات ثقافية حديثة فطنت لذلك الأمر وبدأت بتقديم الندوات بشكل مختلف، وأبسطها وضع مقاعد بسيطة في الوسط أو جعل المتحدث يقف ويتحرك على خشبة المسرح ويخاطب الجمهور مباشرة، وبالطبع مع استخدام التقنية الحديثة، وهنالك من المتحدثين من لديه القدرة على التحدث لساعات دون أن يجلب الملل للحضور ولكنهم قلّة، والغالبية يمارسون الصراع لكسب الوقت وإن كان أغلب الحضور يتثاءب أو "يلعب" بهاتفه المحمول.
التعليقات