"لا أرغب بالانتحار ولكن اليأس لا يتركني". قائل هذه الكلمات هو رئيس الوزراء البريطاني وينسون تشيرشل والذي هزم النازيين في الحرب العالمية الثانية. ومما كان يقوله لطبيبه أنه يحرص على أن يجعل عموداً أو حاجزاً بينه وبين القطار لكي لا يتهور في لحظة واحدة وينتحر. كثيراً ما كان تشيرشل يصاب بنوبات اكتئاب حادة ومع ذلك فقد يكون هذا المرض النفسي الذي عانى منه سبباً رئيساً في قدرته على تجاوز كل الظروف المحبطة وقيادة شعبه للنصر أمام جيوش هتلر. مقالة اليوم تتحدث عن الأمراض النفسية وعلاقتها بالقيادة والإدارة..

نتجه إلى بلاد العم سام والرئيس الأميركي إبراهام لينكولن والذي حرر العبيد وأنهى الحرب الأهلية وعاش ظروفاً عصيبة. ويذكر عدد من المؤرخين أن لينكولن كان يبكي فجأة بدون مقدمات وما يلبث أن يبدأ في الضحك بعدها وإلقاء النكت على من حوله. ويروى عنه أنه فكر بالانتحار أكثر من مرة خلال فترة حكمه وكان يعاني من الاكتئاب المزمن. وكما في حالة تشيرشل فقد تكون تلك الحالة المرضية أحد أسباب النجاحات التي حققها لينكولن خلال فترة حكمه.

من المهم هنا الإشارة إلى أحد أشهر حالات الاكتئاب التي يسميها الخبراء (ثنائي القطب) والتي تصيب حوالي 3% من سكان العالم وتبلغ التكلفة الاقتصادية لهذا المرض في أميركا وحدها ما يزيد على مئة وخمسين مليار دولار حسب بيانات عام 2009م.

ورغم حالات النجاح في تحويل الأمراض النفسية إلى منجزات كما في الأمثلة أعلاه فالتاريخ يزخر بطواغيت من أصحاب العلل النفسية كالزعيم النازي هتلر والطاغية الأوغندي عيدي أمين دادا والذي قتل حوالي 300 ألف من شعبه وكان يضع جماجمهم في ثلاجات قصره وغيرهم الكثير. وهذا ما قد يقود للتساؤل: هل كان فرعون مريضاً نفسيا مصاباً بجنون العظمة؟

من ناحية أخرى، ولتجنب هذه المسالك المظلمة، فكيف يجب أن يتعامل المرء مع الاكتئاب النفسي؟ يقال إن إبراهام لينكولن كان يحرص على إشغال نفسه دوماً بالأعمال لكي لا يقع فريسة الأفكار والوساوس. أما تشيرشل فكان يمسك القلم ويبدأ بالكتابة ليخرج من نوبات الاكتئاب وليخرج لنا ثلاثة وأربعين كتاباً.

وباختصار، الاكتئاب من الحالات التي قد تلازم الكثير من القياديين والناس عموماً، ويظل التعامل الصحيح معها مفتاح النجاح نحو الإبداع أو السقوط في المهالك لا قدر الله.

أما أفضل علاج دوماً لكل الهموم والغموم ونوبات الحزن والاكتئاب فهو الإيمان بالله وحسن الظن به والتوكل عليه..