كثيرا ما تطرح مؤسستا التقاعد والتأمينات شكواها من الآثار المالية للتقاعد المبكر على استمرارها في صرف المعاشات التقاعدية مستقبلا وتطالب بإلغاء التقاعد المبكر ورفع سن التقاعد ورفع نسبة الاستقطاع الشهري من الموظف والأفكار الجديدة بخصم نسبة من الراتب التقاعدي قبل بلوغ السن النظامي وغيرها من الأفكار التي تقلل من الصرف الشهري للمعاشات، ولكن مع أن لمؤسستي التقاعد والتأمينات حقوقا على الدولة لم تصرف خلال السنوات السابقة تمثل الـ(9%) التي يتحملها صاحب العمل والتي تجاوزت للتقاعد فقط (45) مليار ريال لم نجد أي مطالبات جادة لتحصيلها مع أن تأخير صرفها قد فوت فرص الاستثمار والنمو لها طوال السنوات الماضية وتسبب في نقص الإيرادات التي يتم الشكوى منها! وكل ما نراه من مطالبات تتعلق فقط بالمشترك الملزم بدفع الاشتراك الشهري الذي يحسم من راتبه والذي اعتمدت الاستثمارات جميعها عليه! فكيف يتم تجاهل الآثار السلبية لعدم تحصيلها للحقوق على نسبة النمو للإيرادات وعلاقة ذلك بانخفاض استثماراتهما والخوف من العجز المالي في صرف المعاشات.

كما أنه في الجانب الآخر للقناعة بما يذكر عن الصعوبات المالية التي تواجه التقاعد والتأمينات من التقاعد المبكر فإن هناك مستجدات في طبيعة المشتركين والمعاشات التي ستصرف بالمرحلة القادمة بما يختلف عن السنوات السابقة تتعلق بالمبالغ المستقطعة من المشترك سابقا قبل رفع الرواتب قبل أكثر من (30) سنة والتي كانت بمبالغ قليلة نسبة للراتب التقاعدي مقارنة بالواقع الحالي، بالإضافة الى أن عدد وعمر أفراد الأسر بعد وفاة المشترك بالجيل السابق كان أعلى من الحالي والزوجة حاليا أصبحت في معظم الأسر مشتركة في التقاعد ولا يحق لها الاستفادة من تقاعد زوجها المتوفى وغيرها من المتغيرات التي ستخفض حجم الصرف الشهري للمعاشات مستقبلا وبالتالي لا نستطيع الاعتماد على الأرقام السابقة لإثبات العجز بالمستقبل!

انه مع أهمية استمرار التقاعد والتأمينات في الصرف لشريحة كبيرة من المجتمع مثل باقي الدول وأساس عملها التجاري الذي يعتمد على الاستثمار لمواردها وباعتبار واقع مهمتها كشركات حكومية، فإن الأمر يتطلب فحص آلية عملها وقوائمها المالية وكشفافية تنشر نتيجة عملياتها وصفقاتها وماهي مجالات الاستثمار الناجحة والفاشلة وتقويم دوري للسياسات والقيادات المالية التي تسلم لها أموالنا ومقارنة ذلك مع أداء الصناديق العالمية، للتأكد من سلامة تلك الاستثمارات، وأن مطالباتها مبررة ومقنعة ولذلك فإن هناك حاجة لمراجعة جميع الإحصاءات والمؤشرات للاقتناع تماما بالعجز المالي الذي تخشاه التقاعد والتأمينات ليتم معالجة الخلل الحقيقي ولضمان استمرار دورهما في الحياة المعيشية للمجتمع والاقتصاد المحلي!