لم تدخر يوماً بلادنا من الوقت أو الجهد أو المال شيئاً من أجل خدمة أبناء هذا الوطن لحياة أفضل لهم ولأبناءهم. وبذلت في ذلك الغالي والنفيس من أجل تحقيق ديمومة الرفاه والخير والحياة المستقرة الهانئة، في ظل أوضاع اقتصادية وسياسية معقدة تمر بها منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص والعالم أجمع بشكل عام. ومما لا شك فيه أن القرارات التي صدرت مؤخراً المتعلقة بإعادة النظر في البدلات لها من الأهداف ما يصب في المصلحة العامة. إلا أنه وفي خضم هذه القرارات، كان هناك العديد من الأسر السعودية التي قامت بالحصول على قروض شخصية أو عقارية من البنوك المحلية لتلبية بعض الاحتياجات لديهم. وفور صدور تلك القرارات، كان التوجه بضرورة إعادة جدولة تلك القروض للمواطنين، إلا أنه لا يزال هناك جدل حول هذه المسألة في كيفية تطبيقها. فيما يتعلق بالقروض الشخصية، لم يكن هناك أي إشكالية في إعادة جدولتها نظراً لقلة مبالغها المالية وقصر المدة الزمنية المتعلقة بالسداد وهو ما سهل إجراءات إعادة الجدولة. إلا أن الإشكالية تكمن في القروض العقارية، وتعقيدات وضعها القانوني الذي ينظمها، حيث لا يزال هناك الكثير من المواطنين الحاصلين على قروض عقارية، خصوصاً الحاصلين على قروض طويلة الأجل، يتفاوضون مع البنوك المحلية من أجل إعادة جدولة القروض العقارية التي حصلوا عليها. ولعل الحلول المتوفرة لديهم من أجل الخروج من هذا المأزق هو واحد من الحلول الأربعة، التفاوض مع بنك جديد يقوم بشراء قيمة كامل القرض مع تخفيض قيمة الأقساط الشهرية وزيادة عدد السنوات، أو سداد قيمة كامل القرض من قبل المقترض، أو إيجاد البديل ممن يستطيع إكمال قيمة الأقساط الشهرية، أو بيع العقار ومن ثم سداد كامل مبلغ القرض، وكل تلك الحلول مرٌ وصعب التحقيق للعديد من الأسباب في الوضع الحالي. ولعل جميع تلك الحلول يذكرني بأزمة الرهن العقاري الأميركية التي بدأت عام 2007، والتي أدت إلى عواقب وخيمة لاحقاً وتسببت في كساد عالمي. حيث إنه في ظل عدم جدولة القروض العقارية قد يكون له عواقب سلبية على القطاع البنكي والعقاري ومن ثم الاقتصاد الوطني لا قدر الله. فلو افترضنا عدم قدرة المقترض في تحقيق أحد من الحلول الأربعة، فسوف يصل بالتأكيد إلي مرحلة التعثر عن السداد. وحتى لو استرجعت البنوك العقارات المرهونة من أجل إعادة بيعه مثلاً، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة حجم المعروض في السوق بشكل يصعب معه بيع العقار بالقيمة التي تغطي القيمة الفعلية له، خصوصاً في ظل الأوضاع المتعلقة بالعقارات حالياً. ولعل ذلك يتطلب تدخلا سريعا وحاسما من قبل الجهات التشريعية والإشرافية والقضائية لإرغام تلك البنوك على إعادة الجدولة بالشكل الذي يساهم في حماية حقوق المقترضين والبنوك سوياً، وبحيث يتم حسم هذا الملف بما يساهم في حماية الاقتصاد الوطني.