في تلك المقابلة الثرية التي دامت ساعتين حول ركوة قهوة حكى لي المرحوم سهيل إدريس أسرارا لم أتجرأ أبدا على نشرها، وبقيت في ذاكرتي حتى لا أسيء لأحد وتحسب اعترافاته عليّ.
والحقيقة تقال أني أول ما دخلت دار الآداب كنت أتوقع دارا فخمة ومكاتب جديدة وموظفين بعدد ما تحويه خلية نحل، فإذا بي في شقة صغيرة عادية في حي ساقية الجنزير القريب جدا من الشاطئ البيروتي وعدد قليل من الموظفين إضافة إلى زوجته الرائعة السيدة عايدة وأولاده. لقد صنع أسطورة في عالم النشر دوَّى صيتها في كل أصقاع العالم العربي، والغربي أيضا ممن اهتموا بترجمة أعمال عربية مهمة من تلك الشقة الصغيرة. وسر نجاحه ثقافته الأدبية العالية وحسه الذكي لإختيار النصوص المناسبة، إضافة إلى فضل السيدة عايدة ومستواها اللغوي العالي في تأليف القواميس، والتي أعتبرها شخصيا العنصر الأساسي لبناء سمعة تلك الدار لسبب جد دقيق وهي أنها عرفت كيف تجعل المرحوم يبقى في فلك تلك الدار ويعمل على تطويرها، لقد كانت القلب النابض للدار بامتياز ولا تزال. وزائر الدار اليوم سيجد نفسه في حديقة حميمة، دافئة ومليئة بالحكايات وتجارب إنسانية بديعة، وتاريخ أديب كبير تميز بالشجاعة والجرأة في زمن كان فيه الأدب في تلك المرحلة – ولا يزال - قناعا يخفي الكثير مما يجب قوله.
وإن تحدثت اليوم عن دار الآداب كنموذج فلكي أصل لنتيجة مهمة وهي أن الناشر اليوم لم يعد بذلك الزخم الثقافي، ولا يحيط نفسه بالنقاد كما كان يفعل إدريس، خاصة حين أصدر مجلته الشهيرة " النقاد"، ولا يتقبّل النقد كما كان يفعل أيامها صاحب "الحي اللاتيني" فقد كان يصغي إلى نقاده بتركيز غريب حتى لا يقع في الغلطة نفسها مرتين، وهذا ما جعل مستواه يتحسن في فترة قصيرة حتى تخطى أبناء الصنعة الذين سبقوه وتحوّل إلى سيد النشر على الإطلاق. بل أكثر من ذلك تحوّل إلى العلامة الأهم للنشر في بيروت.
غير ذلك على الناشر أن يكون صديقا للصحافة، سخيا في التعامل معها، نشيطا في ترتيب ندوات وتوقيعات لكتابه، وله علاقات مع المدارس والجامعات لفتح أبواب كبيرة لتسويق كتبه. والنشر اليوم يتطلب أكثر من ذلك، يتطلب نشاطا غير عادي على شبكات التواصل الإجتماعي، ومجاراة العالم في سباقه اليومي مع الزمن.
هذا وللموضوع تتمة لأننا نعيش أزمة قراءة كبيرة، والاتهامات المتبادلة بين القراء والكتاب والناشرين تحدث ضوضاء كبيرة دون فهم الموضوع جيدا. وحتى لا أضع القارئ في دائرة الاتهام كما يفعل الجميع أحببت أن أبدأ طرح الموضوع من باب "النشر" عسى أن نتبادل وجهات النظر ونناقش الموضوع فيما يخص أقطابه الأخرى. وفي انتظار ذلك أقترح عليكم مشاهدة فيلم "العبقري" The Genius لمايكل غراندج، ستدهشكم التفاصيل عن حياة حقيقية لناشر حقيقي.
1
دور النشر الجيدة تعاني مادياً لأن المعايير اختلفت. سابقاً كان القارئ يهتم بالمضمون أما الآن فاخراج الغلاف ونوعية الورق وطريقة تسويقه لها دور في اختيار الكاتب لدار النشر بغض النظر عن جودتها كما أن لها تأثير على خيارات القارئ المبتدئ . التوجه للنشر الالكتروني مهم أيضاً وهذا أضعف دور النشر الاعتيادية بشكل كبير لعدم مواكبتها للتطور التقني وعدم قدرتها للمنافسة في هذا المجال .
2
الفيلسوف/مسعود
2017-01-08 19:49:04السلام عليكم.ثلاثية برمودا في القارئ و الكاتب و الناشر تهبط نحو عمق سحيق ننتشلها بإعادة اﻹنتشار من الناشر.الكاسر.السلام عليكم.
3
هذا وللموضوع تتمة لأننا نعيش أزمة قراءة كبيرة، والاتهامات المتبادلة بين القراء والكتاب والناشرين تحدث ضوضاء كبيرة دون فهم الموضوع جيدا. وحتى لا أضع القارئ تحية وتقدير مع البداية ونتمى المزيد.. ربما تلك الاقتباسة تبين ما يدور في خلد الكاتبة ولعل الحس الخفي الذي يلعب دور تجاري لا ثقافي فيما سبق هو(امة اقرأ لا تقر،لغة الضاد وغيرها من المسميات التي تعول بأمية الوطن العربي)وكلها تصنعها دور النشر وألا كيف نفسر نفاذ تلك الرواية او ذلك الكتاب الديني وغيرها.. العرض والطلب مع الناشر يحكمه السعر التجاري .
4
hamid*
2017-01-08 17:53:58ليه يا قلبي ليه ..بتحلفني ليه ؟! أخبي الحكاية ..واداري عليه|! موصفلوش عذابي !؟ وحيرة شبابي؟؟ و حبه اللي خدني من أهلي وصحابي..!! وكيف بس اداري؟! وكيف يبقى جاري واتشوّق اليه؟! لا مش قادرة اخبي،، بحبه يا قلبي..واحلف إنه أول و آخر حبايبي..وآديني هقوله ..كلامك ده كله..وشوف هتعمل ايه ؟!