في معرض جدة للكتاب سيوقع قرابة المئتي كاتب وكاتبة إصداراتهم، وهو عدد ليس بالبسيط، ومؤشر لحركة النشر في المملكة، حيث من المفترض أن جميع هذه الإصدارات هي نتاج ٢٠١٦م، بالطبع أن تلك الإصدارات ليست جميعها إبداعية، هناك كثير من كتب الرحلات، إضافة إلى الدراسات والبحوث. هل التأليف أصبح أمراً هيناً، سؤال يجب أن يتم التوقف عنده، لأن إصدار كتاب يحتاج إلى مغامرة قوية من الكاتب والكاتبة، لأن من المعروف أن "من ألف فقد استهدف"، هذا أولاً، ثانياً طباعة الكتب تحتاج أن يدفع المؤلف أو الناشر مبلغاً ليس قليلاً من المال لقاء طباعة الكتاب، وأتوقع في الوضع السعودي، فالمؤلف هو الذي يدفع التكلفة، لأن أغلب الناشرين يعرفون أن أغلب الكتب التي يصدرونها بالذات حين يكون ذلك الإصدار هو الأول للمؤلف أو المؤلفة لا يحقق إيرادات جيدة، وتكون الفرصة الوحيدة لزيادة المبيعات هي الترويج للكتاب عبر مواقع التواصل، لذا فقد لجأت بعض دور النشر إلى معرفة عدد المتابعين في تويتر والفيس بوك لمن يرغب أن يصدر كتاباً، وفعلاً قد حققت بعض الكتب لنجوم الإعلام الجديد رواجاً ملفتاً.

أحد الأصدقاء قال إن التأليف وبعد ذلك التوقيع من قبل كثير من المشاركين في المعارض موضة يدخل فيها كثير من "البرستيج" لن تدوم طويلاً، بعد ذلك قال إن أغلبهم -رجال ونساء- لم يسألوا أنفسهم. (لماذا نؤلف كتاباً) وبالذات غير المبدعين، السؤال هذا مهم، ما الذي يضيفه الكتاب للقارئ، الأمر نسبي، وكل واحد لديه أسباب التأليف الخاصة جداً، ربما لا يبوح بها، لكن بعضهم يرى أنهم يقدمون معلومات يستفيد منها القارئ، وآخرين يرون أنهم يهبونهم شيئاً من المتعة، وهذا أمر جيد، ولكن هنالك كتب كثيرة تفتقد المعلومة والمتعة، ربما تدخل ضمن دائرة الصرعة أو الموضة التي تحدث عنها ذلك الصديق.

نحن نحتاج أن يزداد عدد الكتب التي تصدر في المملكة، ولكن في الوقت ذاته نتمنى أن تكون تلك الكتب مفيدة، نحتاج إضافة إلى ذلك حركة ترجمة من لغات العالم الحية، وبالذات في المجال العلمي، العالم يتطور وكثير من البحوث والدراسات تصدرها الجامعات والمراكز البحثية في دول العالم المتقدمة، وحركة النشر العلمي لديها متجاوزة، لذا كل من يبادر بترجمة كتاب علمي جديد يضيف رصيداً معرفياً لكل قارئ وبالذات لأهل العلم.

الذي أتمناه هو أن لا ينتهي الأمر بتلك الكتب التي يحتفل أصحابها بها في منصات التوقيع بانتهاء المدة المحددة للتوقيع والتي غالباً لا تتجاوز الساعة، لأن بعض حفلات توقيع الكتب محاولة إنعاش لإصدار يحتضر، فلو لم يكن ذلك الحفل لما علم أحد بذلك الكتاب.

أعود وأكرر ما قلته أكثر من مرة في هذه الزاوية، نحن نحتاج إلى مكتبات تهتم بالكتب فقط، تكون المكان الذي يدشن فيه أي إصدار جديد بحفل توقيع متميز، وبالطبع سيكون ذلك الحفل وسيلة للتواصل المباشر بين الكاتب والقارئ، الأمر الذي يختلف كثيراً في معارض الكتب التي تقام في المملكة وأغلب الدول العربية بالذات دول الخليج حيث إن من يحضر حفل التوقيع للكاتب والكاتبة هم الأصدقاء والأقارب، وأنا هنا لا أعمم.

لتستمر ظاهرة التوقيع هذه وفق قناعات الكتاب، حيث إن بعضهم يفضل المنصات التي تعد لذلك ولكن هنالك من يفضل أن يكون التوقيع في جناح دار النشر، وأنا مع هذا الرأي، وكل معرض كتاب والجميع بخير.