حينما نُقرر السفر، نعد العدة لذلك جيداً، لأن السفر ارتحال ومشقة وعناء وحدود، تماماً كما هو متعة ودهشة ومعرفة وتجربة.. السفر؛ "رحلة إنسانية" تغص بالتفاصيل الصغيرة والكبيرة، لابد لها أن تؤثر في طبيعة وحياة البشر، بل وتُسهم في تشكيل ذائقتهم وثقافتهم.
هكذا هو السفر، حياة أخرى تُضاف إلى البشر، منذ عصر الإنسان الأول وحتى عصرنا الراهن. والكتابة عن السفر، أشبه بغوص غائر في أعماق الفرح والسحر والدهشة، بل هي تحليق عالٍ في فضاءات الخيال ومساحات الألق.
ولكن، ماذا لو قررنا السفر للمستقبل بكل دهشته وتسارعه وتجدده؟ وبماذا ستغص حقيبة سفر المستقبل؟ وما هي متطلبات ومستلزمات وحاجيات هذه "الرحلة الحديثة" التي تختلف عن كل تلك الأشكال المتعددة للرحلات التقليدية؟
حقيبة السفر التي سنحملها في رحلة المستقبل، لن تكون حقيبة جلدية تقليدية ندس فيها متعلقاتنا الشخصية التي نحتاجها في سفرنا الاعتيادي، بل هي "حقيبة عصرية" متوفرة بكل المقاسات والأحجام والإمكانيات، وكذلك بكل الرغبات والطموحات والتطلعات، فهي حقيبة صُنعت لتكون "المحتوى" الذي يحتاجه المسافر في رحلته للمستقبل. هذه الحقيبة المثيرة، مليئة بكل أشيائنا الجميلة والنظيفة والمفيدة والتي ستكون زادنا الوفير في رحلة طويلة ينتظرها العديد من المحطات والوجهات والتحولات المثيرة التي قد تُغير من حياتنا.
حقيبة السفر تلك، لم تكن سوى مقدمة -أعتذر عن طولها- للسفر إلى التاريخ بكل إرثه وتراثه وأحداثه وقصصه ومروياته وتحولاته وتطوراته.
والعودة للتاريخ، ظاهرة إنسانية تتعرض للكثير من السخرية والرفض والتشكيك، بل والمواجهة والممانعة والتحقير، إذ يُعزى تخلفنا في كثير من الأحيان لتلك العودة!
نعم، قد تكون العودة للتاريخ في شقها السلبي الذي يختزل تلك الرحلة التاريخية بممارسة التمجيد والتلميع والفخر دون الاهتمام بالفرز والدراسة والتمحيص، ظاهرة بائسة تستحق كل تلك الحملات التشكيكية، ولكن "العودة الحقيقية" للتاريخ التي نحتاجها هي من أجل ممارسة المراجعة والتنقيح والغربلة للكثير من ذلك الركام الهائل من الأفكار والآراء والثقافات والقناعات والمعتقدات التي مازالت جاثمة على صدر حياتنا حتى الآن.
أعرف أن العودة للتاريخ، قضية حساسة تسببت في بعض الأحيان في إعاقة تنميتنا الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ لأنها كانت "عودة ماضوية" مستلبة لم تحمل معها الرغبة الحقيقية في ممارسة الفكر والعلم والمعرفة والنقد والجرأة والحرية.
الآن، وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج لعودة حقيقية للتاريخ لنصفيه من كل شوائب وعوالق الطائفية والعنصرية والإقصاء والجهل والخرافة، ونحمل أجمل ما فيه من تسامح ومحبة وانفتاح وتعاطف وتعقّل وحكمة في حقيبة سفرنا للمستقبل.
fadelomani@yahoo.com
1
محمد الحاقان
2016-11-10 16:16:00لابأس أخي فاضل من العودة للتاريخ لكن بشرط أن لا نعتبر كل ماضي جميل ورائع لقد اكتشف المنقبين عن الاثار الفرعونية رسالة أب قبل ثلاثة الاف سنة يشتكي من سوء الجيل الجديد في حين أن تلك الحقبة كانت الأجيال متطابقة المشكلة عندما يكون الماضي القريب افضل قيماً وأخلاقا ومساواة من اليوم
2
عثمان بن يزيد
2016-11-10 13:54:20عارفين ماذا نحمل وهذه من ابسط المعلومات وياليت مساحة المقال خصصت لموضوع اهم من هذا كالتوعية الأمنية والمرورية والإقتصادية وغيرها
3
سوسن
2016-11-10 13:54:14نعم لابد من حمل التسامح والمحبة والطيبة وأكن ايضا لابد من حمل الحزم والمسؤولية والصبر.. شكرًا لكاتبنا الجميل
4
سوسن
2016-11-10 13:52:57سأحمل معي رائحة امي وشهامة ابي وسأضع كل أشيائي الجميلة في حقيبة سفري لانها عنوان دهشتي
5
سافر للمستقبل وعساك تتهنى وتعود وتقول لنا وش الأخبار ، وابسافر واملى شنطتي بفنيله علاقي ومشخل بعد ، ماذا يضرني وماذا ضرك ، حتى تتحقق رؤية 2030 دعني افعل ماأريد وافعل انت ماتريد ، ان يحترم كل طرف الطرف الاخر معتقد وفكر ورؤية من هنا نحقق النجاح ، ولكن ليس بنجاح ان استغل كوني أصبحت كاتب ان افرض على الآخرين بان العودة للماضي امر مشين وغير صالح ، عد انت ل شكسبير ودعني اعود لخالد ابن الوليد الذي تدرس خططه العسكرية العبقرية في جامعات الغرب خاصة الدراسات العسكرية
6
اصبح التميز ان تصبح ضد التاريخ والماضي ، وانت متميز ان تكون عصريا ولا تفكر الا في الحاضر ، ويقول الأخ الكاتب الحربي ، بانه يطمح في بقاء الصحف الورقية ، وأي بقاء والفرض كما يقول اخوتنا المصرين على اودانه ، يقول العودة للتاريخ بانه يعرف بانه تعطيل للتنمية الفكرية ، وطيب والمفاخرة بعبارات الغربين حلال زُلال ، ابعود للماضي ، مالمشكلة وابزوز اطلق بلدان العالم السياحية وش المشكلة ، ابجلس في نادي ثقافي بالغرب وابفتخر بصلاح الدين الأيوبي وابحرق قلب كل غربي ، وابشوف هل هو ناسي الحكاية المتنور