أسهل شيء في الإعلام، والعمل الأكاديمي، هو الخروج والتنظير في الأشياء العامة، واستخدام المصطلحات "الفضفاضة"، والتحذير حولها أو منها، كأن تتحدث عن الأخلاق والتربية، وغير ذلك، وتحاول إلباسها وضعا أكبر مما تحتمل، لتكسب التعاطف الشعبي، وهذا ينجح كثيرا.

قبل أيام، خرج أكاديمي سعودي، عبر برنامج تلفزيوني شهير، وتحدث عن المشاهير الجدد في الإعلام الجديد، وزعم أن الإعلام التقليدي -بكل أنواعه- يسهم في إفساد الأخلاق العامة، مؤكدا اتهاماته بقوله "تنتهكون منظومة القيم"، عندما قرر تشخيص الفرص التي تمنحها مؤسسات الإعلام التقليدية، لهؤلاء المؤثرين.

هناك منطلقات، لا بد من المرور عبرها، أو محاولة فهمها، حتى يمكننا استيعاب الآراء التي تحاول أن تتهجم على المشاهير، أو التسفيه بها من وقت لآخر، دون تفهم السياق العام.. وهذه المنطلقات ليست من باب التأييد أو عدمه، لكنها رصد للمشكلة بشكل عام، والتعاطي معها، وهي كالآتي:

أولاً: لا تزال بعض النخب، وقادة الرأي التقليدية، غير مستوعبة للتغير الحادث في المشهد المجتمعي والاتصالي، وتبدل أدوات التأثير والانتشار، لأن ذلك غير منافعها الشخصية غالبا، وأفقدها الحيوية الحضورية بشكل عام، لذلك قررت أن تسفه كل ما هو خارج أطرها المتعارف عليها سلفا، إرضاء للشعور الداخلي، ورغبة في التشويش ولفت الانتباه، والتمسك بقشتها حتى آخر ضوضاء.

ثانياً: تغيرت ملامح المراهقة، وأساليب التعاطي معها، لذلك لن تجد الاهتمامات لجيل المراهقين كما كانت قديما، ولم تعد محصورة في مربع البيت والحي والأقارب، وأصبح للطيش منصات متفرقة، قادرة على نقل هذه الممارسات إلى فضاء أوسع.

ثالثاً: الإعلام التقليدي لا يتعامل مع هؤلاء المشاهير إلا بعد الفوز بشهرتهم، الشهرة يمنحها المجتمع وليس الإعلام، بينما الأخير يقوم بالتفاعل معها كقضية، وكمادة متابعة، حتى يكون انعكاسا للاهتمام العام، أو مسايرة الرأي العام على أقل تقدير..

هذا فيما يتعلق بالاستضافات، أما فيما يتعلق بمنحهم مساحات العمل والكتابة والتقديم، ورغم تحفظي على بعضها، لكنها تمتاز بقولبتهم داخل إناء الأنظمة والقوانين الإعلامية الاحترافية، وتحويلهم من هواة لمحترفين، ما يسهم إيجابا على الصناعة ككل، ويساعد في نضوج التجربة.

في الأخير، ما نعرفه أن دور الإعلام رقابي بحت، والتربية والأخلاق والتعليم متروكة للمدرسة والمجتمع والبيت.. أعرف أنه يقوم بشيء من هذا بشكل غير مباشر، ولكن السؤال: هل هو دوره؟! كل الإجابات محتملة. والسلام..