لا مِراء بأننا في مجتمعنا هذا في بلادنا هذه نمر بمرحلة تغيير في كثير من المناشط وبعض أنماط السلوك العام فرضتها ظروف المرحلة.

التغيير كما هو معلوم ملح الحياة بل ناموسها.

حين كنا نراهن على التغيير إيجابا في أنماط السلوك السلبية، كُنا نراهن في الواقع على تأثير الزمن مع عدم تجاهل العناصر الأخرى.

لقد مررنا بكل مراحل التجارب وتذوقنا مرارة الإخفاقات لهذا كان لزاما علينا التوقف عند محطّة التقييم وقراءة الواقع من جديد ومن ثم البدء في عملية التغيير حتى ولو كانت قاسية.

من ذلك التنازل عن كثيرٍ من القناعات تلك التي لم توصلنا في يوم من الأيام لتحقيق أي هدف منشود.

على سبيل المثال مفهوم القوانين (التي نسميها أنظمة). لم يكن المفهوم من الوضوح كما هو عليه اليوم، كانت علاقة الناس بالقوانين مرتبكة. صحيح أن الالتزام بها وتطبيقها ما زال في اتجاه تصاعدي للأفضل لعدة أسباب ربما سأتطرق لها في سياق حكاية اليوم.

ها هو ذات المجتمع الذي كان بالأمس لا يقيم وزناً للقوانين بدأ يتحدث عنها وخصوصا (الغرامات) المالية التي ستُطبق بحق من لا يلتزم بها ومدى التغيير الذي طال بنود عقوباتها.

كانت مفردة القانون (النظام) ملتصقة سياميا مع مفردة "واسطة" واعتقد الناس بأن أيّ قانون يمكن تحطيمه بمطرقة الواسطة.

لم يُخطئوا في ذلك الاعتقاد إذ كان أفراد أجهزة انفاذ القوانين يملكون سلطات (المراقبة، القبض، التحقق، الادعاء، وتنفيذ العقوبات) لدرجة كانت بعض الأجهزة تُتيح لضابط القانون استحصال الغرامات المالية في موقع المخالفة يدا بيد! حينها تفرعنوا في تطبيق القوانين بحذافيرها على من لا يعرفون وتسامحوا مع من يعرفون.

ثم تم ميكنة معظم هذه العمليات وتنفيذها تقنيا بواسطة آلات لا تُفّرق بين الناس كبيرهم من صغيرهم، غنيّهم من فقيرهم فانفصل ذلك الالتصاق السيامي ولو جزئيا.

حين سُحبت الصلاحيات المُعتسفة من منفذي القوانين بقي الزامهم أنفسهم بالتقيّد بها وفي هذا حجر زاوية قوة واحترام القوانين حسب مقولة "الشعب الذي يحترم قوانين بلده يحترم نفسه"

القانون صارم، لكنه القانون هكذا هو المفهوم العام في مجتمعات الغرب فمتى نصل لمرحلة الالتزام ذاتيا أو على الأقل تفاديا للعقوبات التي يُفترض تطبيقها على الجميع بكل عدل ومساواة، إذ أوشكت على الاندثار مقولة (تعرف أحد في المرور).

aalkeaid@hotmail.com