من اطلع على الأحاديث المسرّبة لكيري وزير الخارجية الأميركي في التسجيل المسرب للاجتماع الذي جمعه بنشطاء سوريين في الأمم المتحدة، ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مقاطع من مضمونه كما ورد في تقرير نشر على (العربية.نت) يتأكد من فرضية سابقة حول التعجب من حال سياسة إدارة أوباما الأميركية حيال الملف السوري من حيث نزوعها إلى الانكماش بدلاً من الانتشار والتأثير.

أوباما الذي تارةً يهدد بضرب سورية حتى من دون موافقة الكونغرس، وتارة أخرى يحيله إليها، وتاراتٍ أخرى لا ينوي أصلاً توجيه ضربة إلى النظام السوري، هذا التنازع بين المواقف بين التصعيد والبرود، بين الوتيرة العالية والوتيرة الهادئة وحتى التسجيل المسرب لرئيس الخارجية الأميركي يُبين مدى التخبط لدى الإدارة الأميركية وتحديداً أوباما الذي لا يريد كما يقول أن ينقض وعده الذي انتخب على أساسه وهو عدم الخوض بالحروب التي تجري في مختلف المناطق، والتركيز على الشأن الأميركي الداخلي بعيداً عن المشكلات التي تحدث في أصقاع الأرض!

وبحسب تقرير (العربية.نت): "في التسجيل الصوتي المسرب، اختصر كيري في 40 دقيقة إخفاقات الإدارة الأميركية في سورية على مدى خمس سنوات، معتبراً أن غياب التهديد الجدي باستخدام القوة العسكرية أفقد الدبلوماسية الأميركية زخمها في سورية!، وحينما حاول النشطاء الإلحاح من أجل تدخل أميركي أكبر في الأزمة السورية، قال كيري إن بلاده لا تملك مبرراً قانونياً للتدخل في سورية! وفي المقابل كيري لم يخف معاناته في مواجهة العمليات العسكرية الروسية في سورية بسبب عدم قدرته على إقناع حكومة بلاده على التدخل بقوة أكبر، إلا أنه ألمح إلى أن عدم مبالاة رئيس النظام السوري قد يدفع نحو النظر في خيارات جديدة. واعتبر كيري أن أي جهد أميركي باتجاه تسليح المعارضة أو الانضمام إلى المعركة قد يأتي بنتائج عكسية، وتضمن التسجيل الصوتي حديثاً لكيري عن الصعاب التي تواجهها الإدارة الأميركية، مشيراً إلى أن الكونغرس لن يسمح باستخدام القوة، معتبراً أن المناخ العام في الولايات المتحدة سئم الحروب، والعديد من الأميركيين باتوا لا يؤمنون بإرسال الأميركيين الشباب ليموتوا في بلد آخر، ويرى كيري أن روسيا ستدفع بالمزيد في الأزمة السورية، وإيران وحزب الله كذلك، كما النصرة، وفي النهاية سيتدمر الجميع".

ولعلّ أطرف تصريحات كيري حينما قال إن الولايات المتحدة "تفرّق" بين المتحاربين، ما أثار المعارضة السورية، خاصة عندما طالبها بقتال "النصرة" و"داعش"، لافتاً إلى أن "الولايات المتحدة لن تتدخل لمقاتلة حزب الله حليف الأسد"، مبرراً ذلك "بأن حزب الله لم يعلن الحرب على الولايات المتحدة ولم يتآمر ضدها بخلاف داعش والنصرة"!

ولا أظن يحتاج كيري لتذكيره برعاية النظام السوري للإرهاب واضحة من حرب أميركا للعراق، إذ رعت القاعدة هناك، وشجّعت كل العمليات الإرهابية وسهلت دخول المجنّدين من كل مكان، وما إطلاق النظام السوري لأبي مصعب السوري القيادي الإرهابي أكبر دلالة على رغبته بتلويث الثورة السورية بالتهمة القاعدية حتى تستطيع أن تبرر لأسلحتها همجية البطش!

وصدقاً هنا تثبت الفرضية السياسية: "اللا تصالح يحرس المصالح"

baina78@gmail.com