القرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء يوم أمس تأتي في سياق سياسة كفاءة الإنفاق وترشيده عطفاً على الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها دول العالم وتعمل بها من أجل إيجاد حلول مناسبة لها.

فالعالم يشهد تقلبات في الاقتصاد والأسواق، ومن الصعب معرفة الأوضاع والتطورات الممكن حدوثها، إلا أنها دون شك ستكون صعبة للغاية، وخلاصة آراء عدد من الاقتصاديين المرموقين في العالم أن أساسيات الاقتصاد العالمي في حالة انخفاض مستمر منذ الأزمة المالية السابقة.

ويوافق الكثير من خبراء الاقتصاد على أن الاقتصادات الصاعدة أصلحت سياستها الاقتصادية بشكل كبير جداً خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت في وضع أفضل يجعلها قادرة على الصمود أمام العواصف المالية العالمية.

لكنها مع ذلك تواجه مشاكل خطيرة لأسباب أخرى، والتي لا يمكن إلا أن تتفاقم بفعل الاضطرابات في الأسواق المالية مثل روسيا بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، والبرازيل بسبب الأزمة السياسية الداخلية، في حين أن فنزويلا تعاني من كلتا المشكلتين.

نحن جزء لا يتجزأ من منظومة الاقتصاد العالمي نؤثر ونتأثر به خاصة أن المورد الاقتصادي الأول لنا النفط في حالة من تذبذب الأسعار بين ارتفاع وانخفاض يوجب معه اتخاذ إجراءات قد تبدو في البدء أنها تمس حياة المواطن على الرغم أن القرارات جاءت تنظيمية في مرحلة تتطلب ترشيد الإنفاق في بعض البنود التي لا تؤدي إلى الإضرار بالدخول الرئيسية، بل هي جاءت لتقنن من مصروفات كانت موجودة عندما كانت الموارد تسمح، وفي المرحلة الراهنة وفي ظل ما تشهده المنطقة والعالم من أزمات سياسية واقتصادية لابد من التماشي معها ومسايرتها حتى انقضائها بعون الله وقدرته.

وإذا عدنا للتاريخ غير البعيد سنجد أننا مررنا بظروف مشابهة من تقليص النفقات وترشيدها، وبعد أن عدّت تلك الظروف عادت الأوضاع إلى وضعها الطبيعي وشهدنا مرحلة من التنمية غير المسبوقة على جميع الأصعدة، ورغم رفع كفاءة الإنفاق والاتجاه في ترشيد النفقات إلا أن مشاريع التنمية الحضرية لازالت مستمرة لم تتوقف ولم تتأثر ومازالت على وتيرتها.

الوطن أعطانا الكثير وفعل من أجلنا الكثير، اهتم بتنمية الإنسان قبل إنشاء العمران فجاء مجتمعنا متماسكاً متعاضداً في الرخاء والشدة، فالمواطنة حق واجب، وعطاء المواطن لبلده أمر لابد منه وإلا انتفى حق المواطنة، ولعلنا نستشهد بقول الرئيس الأميركي الراحل جون كنيدي عندما قال «لا تسال ماذا قدّم لك وطنك بل اسأل ماذا قدمت أنت لوطنك».