في السنة مرة أو مرتين، بل ربما أكثر، تطالعنا الإعلانات بالصحف والتلفاز، وحتى في وسائل التواصل الاجتماعى لا عن كبسولات تُساعد على امتداد أو تحسين الباءة عند الرجل. هذه المرة تحولت الإعلانات والدعايات إلى الغذاء الذي يجب على الرجل أن يجعله ضمن قائمته اليومية كي تستمر فحولته لأعوام قادمة. ولا أدري ربما أن تلك الدعوات موجهة إلى سكان هذه المنطقة من العالم.

نُفاجأ ببحوث عن تناول أطعمة يُعتقد أنها تزيد الخصوبة على مدار العصور - من المحار والبقوليات إلى ثمار التين ولحم الأرنب. وارتبطت وفرة الطعام تاريخياً بزيادة في معدلات الإنجاب. لكن هل يساعد الطعام على زيادة معدل الخصوبة؟ حتى العلم نراهُ متردداً في الإجابة أو يُعطي إجابات مربوطة بشروط، بل نجد من يُشكك في دقتها أو أنها أُظهرت مدفوعة الثمن لترويج عنصر غذائي يدخل في صناعة ما.

عبرتُ القنال الإنجليزي بحراً عدة مرات أثناء وجودي في إنجلترا، ووجدتُ أن الناس يشترون الكافيار الأصلي من السوق الحرة على ظهر المركب. ولا شك أن الناس تحت قناعة تقول إن بيض السمك (الكافيار) يقوّي الفحولة. والسوق الحرة تُحدد الكمية التي يجوز للمسافر شراؤها. أولاً لعامل الندرة وثانياً ربما أن لدى الإنجليز طريقة لمكافحة التحرّش (!).

ويعتقد البعض أن المحار منشط جنسي طبيعي، ويثني آخرون على الباذنجان. وقال البعض الكثير عن النعناع وهكذ تتضارب قناعة الناس.

وقال تاجر صيني للصحافة إن البقوليات وفول الصويا تساعد النساء على إنتاج المزيد من البويضات". والصين مشهورة بالإتيان بكل جديد عن الموضوع، وأكثرهم يقتنع بالتراث أكثر من التجارب العلمية الحديثة. ولطالما كانت العلاقة بين الطعام ومدى تأثيره على القدرة الإنجابية موضوعاً مهماً في التراث الشعبي والأديان والطب منذ آلاف الأعوام.

ومن الصعب الحصول على أرقام يُعتدّ بها بخصوص معدلات الخصوبة عالمياً، بحسب ما جاء من آراء وإحصائيات عن أي مدى يمكن للطعام أن يزيد من معدل الخصوبة

وارتبطت وفرة الطعام تاريخياً بالإنجاب، فنهاية الحرب العالمية الثانية، مثلا، أدت إلى طفرة في المواليد داخل أوروبا، حيث ومن بين أسباب زيادة معدلات الإنجاب بعد الحرب الطفرة في معدلات الزواج. قالوا عن وفرة الطعام ولم يقولوا عن أي نوع منه لأنه مع وفرة الطعام، بدأت عوامل أخرى تظهر - مثل نوعية الطعام.

ولا يكاد يختلف الباحثون أن الطعام ونمط الحياة أمر مهم. لكن لم يبدأ العلم بتحديد نوع الطعام إلا حديثاً. ولا يزال الأمر موضع تكهنات ومصدر جدل بين الخبراء في المجال الطبي.

وفي مصر القديمة، كان يعتقد أن إله الخصوبة "مين" يستطيع مساعدة الرجال على الإنجاب، ومن بين الأشياء التي كانت تستخدم لدى عبادته نبات الخس. ويعتقد أن ثمرات التين الطازجة تزيد من مستوى الخصوبة.

أرأيتم أن مجمل الحديث مأخوذ من التاريخ والتراث. وتطول القائمة، إذ أن كتُباً حول وصفات الطعام عمرها 300 عام توصي بكافة أنواع الطعام بدءاً من خصي الأيل وصولاً إلى الباذنجان.

لكن في الوقت الحالي بات شائعاً أن النظام الغذائي ونمط الحياة والتمارين الرياضية تؤثر على حياتنا وصحتنا. لكن هل الخصوبة ضمن ذلك؟