الأمر الدارج قولاً أن بعض الفتيات يقلقن على مستقبلهن "قبل" أن تجد العريس. ويقلق الفتى على مستقبله "بعد" أن يجد العروس. ثمة أبواب صرف لم تكن حاضرة على بال الرجل إلا بعد أن يدخل مربّع الزوجية.

وعصرنا عصر المتناقضات، فيه بعض الخفايا واللقاءات المكوكية التي لا تظهر للعيان في أول الأمر. ولا تكتشفها أشعة الليزر، التى تقرأ خفايا محتويات الحقائب.

أقول إن ظاهرة فساتين الحفلات التي اعتاد أقارب العروسين ارتداءها هي في الخانة السالبة، أو في لغة المحاسبة الجانب المدين لميزانية المنزل والزوج والأسرة والأطفال.

بعض السيدات يرفضن قبول الدعوة مالم تكن قد جهّزت ثوبا جديدا لا أحد رآه من قبل. هذا التوجّه "الإيفسانلورنسي" لم يكن موجودا لا في سالف عهدنا في هذه البلاد ولا سالف عهد الأمم الأخرى.

مع أن مجتمعنا المعاصر لا يخلو من رجال ذوي رؤية خاصة يرفضون هذا النوع من "القمع" المالي، ويترك أحدهم زوجته وشأنها، تذهب أو لا تذهب. ما دام ذاك الزواج سيخلق عبئاً ماليا مُفاجئاً أو جديداً لم يُحسب حسابه.

ثمة مثل غربي يقول: إذا كنتَ تقف مستقيما، فيجب أن لا يهمك ظلّك المعوَجّ وأقصد بالظل المعوجّ الملابس وليست الزوجة.

وقالت فتاة جامعية سعودية: إن بعض صالات الأفراح تُشبه كواليس مسرح كوميدي، وبعض المدعوات كأنهن طيور أفريقية ملونة للزينة..!

والغريب أن الكثير من الأسر عندنا يعتبر كل فستان جرى استعماله مرة واحدة جزءا من الماضي.. تُراثاً.

وفي ظني أن تقليعة الحفلات التنكريّة التي سادت في أوربا وبعض بلدان الشرق العربي كانت "معالجة" لجزء من المعاناة. أو هي خطة تبناها رجل ذكي للتخلص من المعاناة. ولا يعرف بعضهم ما يلبس البعض الآخر. ويزول الحرج.

وقالت قريبة لي: إن معظم حديث اليوم التالي (The day after) والذي يلي الحفلة يدور حول الملابس (مالم توجد واقعة أخرى.. أو كارثة.. كحريق مثلاً).

جاءت الملابس منذ القِدم لتلبية حاجة يومية تُرافق الناس في حياتهم وأعمالهم، وليست للتميّز ولا لمقياس الجمال أو الثراء أو الانتماء الاجتماعي ولم يُقصد بها المظهر الذي يُشبه الصور الطقوسية للكهنة.

لنحاول – ما استطعنا – قصم ظهر هذا الـ "بند المالي الثقيل" ونلزم البساطة فهي أحد مقاييس رجاحة العقل.

binthekair@gmail.com