الغالبية العظمى من أمراض العظام والمفاصل والعمود الفقري تتكون خطتها العلاجية من استخدام الأدوية والمسكنات ومضادات الالتهابات وأيضاً من استخدام جلسات العلاج الطبيعي التي قد تكون جزءا مهما في علاج هذه الأمراض. والعلاج الطبيعي قد يستخدم في علاج حالات الخشونة المزمنة في مفصل الورك أو في مفصل الركبة مثلاً أو في علاج حالات الالتهابات غير الجرثومية مثل مرض النقرص أو مرض الروماتويد. كما أن العلاج الطبيعي مهم جداً في علاج حالات الإصابات الرياضية مثل تمزق الأربطة أو الكدمات. أيضاً فإن حالات الإصابات والكسور التي هي منتشرة بشكل كبير داخل المملكة حمانا الله وإياكم تحتاج في كثير من الأحيان لجلسات العلاج الطبيعي في علاجها. وبالإضافة إلى ذلك فإن العلاج الطبيعي هو جزء لا يتجزأ من الخطة العلاجية في حالات العمليات الجراحية سواءً كانت عمليات جراحية اختيارية مثل تغير مفصل الركبة أو مفصل الورك أو حالات الانزلاق الغضروفي أو حالات تثبيت الفقرات أو حتى حالات تثبيت الكسور بجميع أنواعها. فالمريض الذي تجرى له عملية جراحية يحتاج إلى القيام والوقوف والحركة أيضاً إلى ممارسة الرياضة والتمرينات وتقوية العضلات إلى غير ذلك من أهداف العلاج الطبيعي المهمة في علاج مثل هذه الحالات. إذاً فالعلاج الطبيعي مهم في علاج جميع أمراض العظام والمفاصل والعمود الفقري سواءً كان العلاج تحفظياً أو غير جراحي. والعلاج الطبيعي يختلف عن أنواع العلاج البديل أو الطب البديل الأخرى فمثلاً الإبر الصينية مع أنها قد تشكل سلاحاً فعالاً في علاج بعض الأمراض إلا أنها تعتبر من أنواع الطب البديل بالإضافة إلى ذلك هناك أنواع من الطب الشعبي مثل الحجامة أو الكي ولكن العلاج الطبيعي يعتبر جزءا من الطب العلمي المعترف به في علاج هذه الأمراض.
وعندما يقوم الطبيب أو الجراح لتحويل المريض أو المريضة إلى أخصائي العلاج الطبيعي فإن هناك أحداثاً محددة يرغب في الوصول إليها. فالهدف ليس هو جلسات علاج طبيعي مفتوحة إلى فترة غير معروفة وإنما هناك أهداف محددة يتم إبلاغ أخصائي العلاج الطبيعي بها لكي يقوم بالتعاون مع المريض بمحاولة الوصول إليها. ولذلك فإن الجلسات التي يحتاجها المريض تختلف من مرض إلى آخر وتختلف من شخص إلى آخر كل حسب مرضه وأيضاً حسب تعاونه للمريض وفهمه ومدى قدرته على تطبيق الأهداف التي يتم إرشاده إليها خلال الجلسات الطبيعي. ومن أهم الأهداف التي يتم تحويل المريض إلى العلاج الطبيعي من أجلها مايلي:
ومن أهم أهداف العلاج الطبيعي وخصوصاً عند المرضى في مرحلة ما بعد الإصابات في الكسور وأيضاً في مرحلة ما بعد عمليات استبدال المفاصل. ويقوم أخصائي العلاج الطبيعي في هذه الحالات وتحت إرشادات الطبيب المعالج بإرشاد المريض أو المريضة على كيفية الوقوف والمشي باستخدام العكاكيز الطبية أو الهيكل الطبي المساعد للمشي وحسب إرشادات الطبيب عن ما إذا كان بإمكان المريض وضع وزن جزئي أو وزن كامل على الطرف المصاب. وهذا الهدف هو من أهم الأهداف حيث انه يساعد على قيام المريض وحركته وذلك بالتالي يؤدي إلى تحسن كبير في نفسية المريض وفي تقليل الخطورة التي قد تنتج من عدم الحركة لفترات طويلة مثل تسبب مضاعفات من ضمنها تقرحات الجلد واحتباس البول والإمساك وصعوبة التنفس وأيضاً الخطورة الكبيرة المعروفة بالجلطات الوريدية العميقة. إذاً فتحريك المريض ومساعدته على المشي في جلسات العلاج الطبيعي هي ذات أهمية قصوى وهي هدف أساسي في علاج الكثير من المرضى. وعلى الرغم من أن هذا الهدف قد يكون صعباً في البداية إلا أنه بالمثابرة وبالإخلاص فان أخصائيي وأخصائيات العلاج الطبيعي وبتشجيع الطبيب المعالج وبتصميم المريض على التحسن فإن الغالبية العظمى من المرضى تستطيع الحركة وتصل إلى الهدف النهائي وهو الحركة بشكل مستقل بإذن الله.
ومن الأهداف المهمة جداً عند علاج أمراض المفاصل والعمود الفقري فمثلاً بعد عملية استبدال مفصل الورك أو مفصل الركبة فإن جلسات العلاج الطبيعي هي ذات أهمية قصوى في الوصول إلى فرد الركبة كاملاً وإلى ثنيها بشكل كامل. وهذا كما ذكرنا سابقاً تتطلب مجهوداً من الأخصائي وأيضاً مجهوداً من المريض وتحملا للآلام التي تصاحب هذه التمرينات. أيضاً في مرحلة تأهيل الكسور التي تفيض بالمفاصل فإن هذه الجلسات مهمة جداً كذلك في مرحلة ما بعد عمليات إصلاح الرباط الصليبي فإن هذه الجلسات أيضاً مهمة جداً.
وكذلك العضلات قد تكون ضعيفة نتيجة إصابة سابقة أو نتيجة عملية جراحية أو نتيجة أحد الأمراض والتي تصيب العظام والمفاصل. هنا يأتي دور العلاج الطبيعي والتأهيلي في تقوية هذه العضلات. فمثلاً في مرحلة ما بعد عملية الرباط الصليبي أو في مرحلة ما بعد عملية استبدال مفصل الركبة أو في مرحلة ما بعد عملية تثبيت الكسور والتئامها فإن العضلات المحيطة بمفاصل الطرف المريض قد تكون ضمرت وترحلت ومن الضروري إعادة القوة إليها لكي يعود المريض لممارسة الحياة بشكل طبيعي. أيضاً في كثير من أمراض الفقرات والعمود الفقري وآلام أسفل الظهر سواءً نتيجة الانزلاق الغضروفي أو غير ذلك من الأمراض فإن جلسات العلاج الطبيعي لتقوية العضلات المحيطة بالعمود الفقري هي ذات أهمية قصوى لأن تقوية هذه العضلات على فترة تستمر لمدة أشهر يؤدي إلى زيادة القوة والمساندة للعمود الفقري وبالتالي تؤدي إلى تخفيف الضغط الذي يصل إلى الفقرات المريضة أو إلى الغضروف المنزلق وبالتالي إلى وقوف المريض على قدميه وإلى الحد من تدهور المرض وإلى اختفاء هذه الآلام تدريجياً إن شاء الله. أيضاً في حالات الشلل الجزئي سواءً كان نتيجة انزلاق غضروفي أو إصابة بالأعصاب الطرفية أو في الأوتار حول العضلات التي يتم إصلاحها جراحياً فإن جلسات العلاج الطبيعي لتقوية الطرف المصاب هي ذات أهمية قصوى لكي يستفيد المريض من العلاج ويتم تأهيله وعودته لأنشطته السابقة. وهذه الأهداف الثلاثة التي ذكرناها سابقاً هي من أهم الأهداف التي نحرص كأطباء على تحويل المرضى لجلسات العلاج الطبيعي من أجلها.
ان العلاج الطبيعي قد يساعد في كثير من الأحيان على التقليل من الألم وذلك باستخدام مختلف الأجهزة من الذبذبات الصوتية إلى الموجات إلى الكمادات وغير ذلك. وعلى الرغم من فعالية هذه الطرق للتخفيف من الآلام إلا أنها قد تكون مكلفة مادياً ووقتياً على المريض. ويمكن في كثير من الأحيان الاستغناء عنها والاستعاضة عنها بالأدوية المضادة للالتهابات والأدوية المسكنة للآلام والأدوية المرخية للعضلات. ولكن في بعض الأحيان يتم اللجوء إلى العلاج الطبيعي لتخفيف الآلام كمساعدة للعلاج الذي يتناوله المريض عن طريق الفم أو عن طريق اللزقات الموضعية. كما أن جلسات العلاج الطبيعي قد تساعد كثيراً في التخفيف من الآلام الناتجة عن الشد العضلي حيث يقوم أخصائي العلاج الطبيعي بمحاولة فرد هذه العضلات والتقليل من التشنجات فيها.
اما عمليات التأهيل والإطالة للأوتار والعضلات فهو هدف مهم خصوصاً في مرحلة تأهيل الرياضيين في ما بعد الإصابات الرياضية أو في المرضى الذين يشتكون من التهابات مزمنة في الأوتار لأن جلسات العلاج الطبيعي يتم خلالها إرشاد المريض أو الرياضي إلى كيفية إطالة العضلات بشكل تدريجي ومنظم بحيث تصبح هذه العضلات والأوتار أكثر مرونة وأكثر ليونة وبذلك تصبح مقاومة للإجهاد وتقل نسبة حدوث الالتهابات والالتواء بها. وهنا يجب التنبيه بأن المريض أو الرياضي يجب عليه الاستمرار بعمل هذه التمارين لإطالة الأوتار والعضلات حتى بعد انتهاء جلسات العلاج الطبيعي. فالهدف هنا هو إرشاد المريض لكيفية عمل هذه التمرينات بطريقة صحيحة وبعد ذلك يجب على المريض المواظبة عليها في البيت لكي يتم تحقيق الاستفادة القصوى. ومن أهم المناطق التي يتم اللجوء فيها إلى تمرينات الإطالة هي منطقة الفقرات العنقية ومنطقة الضفيرة الأخمصية في باطن القدم ومنطقة وتر أخيلس في الجزء السفلي من المنطقة الخلفية للساق ومنطقة عضلات وأوتار الفخذ.
وفي كثير من إصابات الملاعب أو إصابات الالتواء أو الكدمات والرضات يكون هناك تورم في المنطقة المصابة يزداد مع مرور الوقت وخصوصاً في فترة الثماني والأربعين ساعة الأولى فيما بعد الإصابة فقد يؤدي هذا التورم إلى زيادة الآلام قد تؤدي لا سمح الله إلى الضغط على الأعصاب والأوعية المحيطة بالمنطقة. ومن خلال جلسات الطبيعي يمكن الحد والتقليل من هذا التورم وبعد ذلك يمكن المساعدة على الإسراع من عملية إمتصاص الجسم لهذا التورم.
كما رأينا فإن استخدامات العلاج الطبيعي بالنسبة لنا كأطباء وجراحين هي كثيرة ومهمة وتساعد بشكل كبيرعلى تنفيذ الخطة العلاجية سواءً كانت خطة علاجية تحفظية أو خطة علاجية جراحية. وفي الواقع فإن كثيرا من الأمراض يكون الحل النهائي والجذري على المدى الطويل في جلسات العلاج الطبيعي. فلنأخذ كمثال مرض خشونة وجفاف الغضاريف في الفقرات القطنية. هذا المرض قد يسبب آلاما مزمنة في منطقة أسفل الظهر ويصعب علاجه عن طريق التدخل الجراحي. والمسكنات هي ذات مفعول وقتي ولا تنهي المشكلة بشكل دائم. ويكمن الحل النهائي والجذري على المدى الطويل في جلسات العلاج الطبيعي التي يتم من خلالها إرشاد المريض لعمل تمرينات بطريقة معينة تؤدي إلى تقوية العضلات المحيطة للفقرات والغضاريف المريضة مما يؤدي إلى اختفاء الآلام تدريجياً وتوقف المرض بإذن الله. إذاً فالحل النهائي يكمن بعد الله تعالى في جلسات العلاج الطبيعي لكي يتخلص المريض أو المريضة من المرض بشكل نهائي. أيضاً لنأخذ على سبيل المثال مرض الخشونة البسيطة في مفصل الركبة أو التهتك البسيط في الغضروف الهلالي في مفصل الركبة. فعلى الرغم من أن الأدوية والمسكنات قد تساعد في تخفيف الأعراض فإنه لا يوجد حل جذري ونهائي يزيل هذه الخشونة أو هذا التهتك. وإنما يكمن الحل الجذري والنهائي على المدى الطويل في عمل جلسات العلاج الطبيعي لتقوية عضلات الفخذ والعضلات المحيطة بالركبة وبالتالي فإن تقوية هذه العضلات تؤدي إلى تخفيف الضغط والجهد الذي يقع على الركبة وبالتالي إلى إزالة الآلام وتحسن حالة المريض أو المريضة على المدى الطويل بإذن الله. ومن هنا يجب على الفريق المعالج تنبيه المريض أو المريضة إلى أهمية العلاج الطبيعي ويجب على المريض عدم الاستهانة بأهمية هذه الجلسات ومعرفة أنه في كثير من الأحيان تكون هذه الجلسات هي المفتاح إلى الشفاء بإذن الله تعالى وخصوصاً إذا ما استمر المريض بتطبيق التعليمات في البيت كما ذكرنا سابقاً. ولكن في نفس الوقت يجب عدم إساءة استخدام جلسات العلاج الطبيعي فهناك من المرضى من يقوم بعمل عشرين أو ثلاثين جلسة علاج طبيعي فلا يستفيد منها لأنه لا يطبق التعليمات في البيت وإنما المطلوب كما ذكرنا سابقاً هو عدد محدود من الجلسات يتم خلالها إرشاد المريض لكيفية عمل التمرينات أو الإطالة وبعد ذلك يقوم المريض تطبيقها في البيت. وللأسف الشديد فإن بعض المراكز الطبية قد تستغل جهل المرضى أو عدم معرفتهم التامة بالأهداف العلاجية المطلوبة من جلسات العلاج الطبيعي ويقومون بإطالة هذه الجلسات لتصل إلى أربعين أو خمسين جلسة بهدف الربح المادي. ولذلك فإن عادةً ما نحاول تحديد عدد الجلسات التي ننصح المريض بعملها وذلك لكي لا نثقل عليه من ناحية الوقت والمجهود والتعب في الذهاب والعودة من قسم العلاج الطبيعي. وأيضاً فإننا عادةً ما نقوم بإعطاء تعليمات واضحة حول الهدف المراد الوصول إليه والتمارين التي يجب على المريض تعلمها والقيام بها فيما بعد.
التعليقات