لم يكن منظراً مبهجاً ما أرسله لي أحد الزملاء، كانت صوراً لحاويات قمامة وقد تناثر حولها وبداخلها كميات كبيرة من الطعام تكفي قرية أفريقية وتفيض، رز ولحم خضار وفواكة، مما يجعلنا نستغفر الله مرات ومرات، وربنا لا تؤاخنا بما فعل السفهاء منا.. رغم أن هناك أفواهاً جوعى، وهناك جمعيات لحفظ النعمة. يسهل الاتصال بهم.
هذا الإسراف والكفر بالنعمة الذي يتجلى في المواسم والأعياد، يجعلنا نتمنى لو قننت المشتريات. وعمل محاضرات وندوات واستنهاض للفكر الجيد، متخذين من قوله تعالى (لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً).
التبذير ظهر لنا واستشرى بعد الطفرة، وكثر لدرجة كبيرة، ناسين أننا بلد بلا موارد غير البترول الذي لا شك ناضب. ايضا ناسين ما مر من فقر وجوع.. فالناس أكلت الحشائش وكادت تأكل بعضها، وارتحل الكثيرون لبلاد قريبة وبعيدة طلبا للعيش، ولم نكن أحسن حالا من دول نرى شعبها في كل مكان هنا، فالمتعلم يجد فرصة جيدة وغير المتعلم لن يجد شيئا يستحق الغربة من أجله. كل ذلك هربا من الجوع والبطالة.
هذا التبذير يدخل ضمن الإهدار العام وبالتالي التكلفة لن يتحملها الذي رمى النعمة إنما الدولة الداعمة أيضاً.. هذا مما يستوجب معاقبة المسرفين أيا كانوا.. ولا يصعب الاستدلال على الفاعل.
لولو القطامي أول رئيسة لجمعية نسائية بالكويت في كتابها بنت النوخذة تأتي بقصة لطيفة ومعبرة، كانت في الخمسينات من القرن الماضي مع أخيها في لندن، أحد أصدقاء أخيها سرق حماماً من حمام الساحات وهذا الحمام يعتبر حمام الملكة لا أحد يمسه بسوء، انتبه عامل النظافة لذلك وجد أرجل الحمامات، فأبلغ عنهم وتمت محاكمتهم ودفعوا غرامة خمسين جنيها وهو مبلغ كبير جدا على الطلبة. أوردت المثل هنا حيث يسهل الاستدلال على مبذري النعمة.
رمي النعم بالحاويات يعطي فرصاً للذباب والتفريخ مما يعني جهدا آخر للتنظيف والتعقيم وأيضا جهودا مضاعفة في علاج الحالات المرضية، ولا يخفى على أحد مسالة النزلات المعوية خاصة في الصيف، ولعل السلسلة تطول مما يستوجب معاقبة مهدري النعمة.
نستورد كل شيء الماشية بما في ذلك الضان، والسكر والرز وحتى البهارات، ولا ننسى الأيدي العاملة مستوردة ويدفع لها ويتم تحويل المبالغ للخارج بمعنى الدولة لا تستفيد منه.. وهذا الدفع وإن كان ظاهرا من حساب الذي رمى النعمة لكنه يؤثر على الموارد وعلى الميزانية العامة، ويسرق حق الأجيال القادمة.
لو حسبنا كم ما يمكن أن تطعمه فائض الأكل في العدد فقط لهالنا الأمر.
النعمة زوالة والمشكلة عندما تزول عمن يصونها وعمن لا يصونها، هل نتذكر قصة (لافونتين) النملة والصرصار. أخشى أن نرقص بالشتاء كما فعل صرصاره.
shalshamlan@hotmail.com
1
متعب الزبيلي
2016-07-14 05:30:51اجل الصرصار صار يهز وسط . يا عجيب