غالباً ما تتكرر بعض العبارات في حياتنا اليومية حيث تتكون منها عملية تواصلية وانتقال ثقافي تستعمله جميع طبقات المجتمع تتشكل كلماتها ومعانيها في البناء الذهني حتى أصبحت سمة ثقافية دارجة، ترتبط وظائفها بالإيديولوجيا وتكوّن تجانساِ بين الكونية والشمولية.
وما أن تم تشكيل المجتمع الحديث حتى ظهرت عدة مصطلحات مختصرة تعبر عن التواصل والتجانس، تنادي وتكرر كن على اتصال بمعنى لا تغبْ عن المشهد التواصلي، أشعرنا بوجودك فالغياب هنا غير مبرر أو مسموح ولكن "بول ريكور" أعرب عن امتعاضة من هذا الاختلال والتشويه لذلك التجانس ما جعله يتوقع صورا معكوسة تسكن في حياة الناس الواقعية.
فالتواصل الراهن يقع بين الضرورة والإسراف في العلاقات التفاعلية، بينما كانت الناس قبل ثورة الاتصال ووسائل الإعلام جامدة تحتاج إلى عدة عوامل لتفعيلها وتحريكها لانصراف الناس إلى معاشهم بعيدا عن مؤثرات التكنولوجيا الحديثة إلى أن أصبحت هذه الوسائل ذات سيطرة على حياتنا ومفاهيمنا وحققت نتائج مذهلة جذبت اهتمام المجتمعات وتعذر العيش بدونها لأن تأثيرها أكبر من تجاهلها أو التنازل عنها.
فالرسائل اليوم أبلغ وسيلة وتأثير طرحها على الوجود الاجتماعي بمساعدة العصر الحديث ووسائل الاتصال حيث اعتمدت عليها كمصادر متنوعة للحصول على المعلومة والخبر والصورة فحققت للإنسان استجابة تحركه نحو المحيط الخارجي وبناء علاقات مع الغير بكيفية تلقائية.
من جهة أخرى تغيرت الأساليب القديمة التي اقتصرت على رموز وأرقام قلصت كثيراً من المساحات والوقت والجهد، لتكون السيادة اليوم للدور الذي تلعبه التكنولوجيا المعاصرة في وسائل الاتصال ونظم المعلومات، وأسهمت النقله الكبيرة في إحداث تغييرات جوهرية على حقيقة حاضرنا وآمال مستقبلنا، ووجود أهمية اللغة المبسطة التي يتحدث بها الناس ثم تطورت من حيث ترديدها وسهولة تناولها في الأحاديث الرسمية أو الجانبية لم تعد تعتمد على ذكاء أو عبقرية الفرد فسيد الموقف هنا مجموعة من التغيرات البارزة على البيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتدفق الأخبار المتنوعة عن العالم الكبير الذي أصبح قرية صغيرة الكل يستطيع الوصول إلى حيث يريد دون مشقة.
كما أدت إلى خلق قنوات متكاملة لتبادل المعلومات وبثها من خلال توظيف أحدث الأجهزة الإلكترونية والمغناطيسية ورسائل مباشرة فيها من الأفكار والقضايا والبحوث والاكتشافات الكثير من الاختصارات لوجود محتوى لغوي مشترك تختزله التقنية والأجهزة الذكية التي ساعدت على نجاح الأسواق ولاقت رواجاً كبيراً ترتب عليها خصائص عامة ساهم الجميع في معرفتها، إذ إنها تتفاعل وتتجاذب مع بعضها، ولذا لن يكون بمقدورنا أن نطالب بمعالجة وإصلاح ما اكتسبه الفرد من المعارف التقنية القديمة إلا إذا عملنا على التطوير على كافة المستويات الثقافية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، ليتحقق الانخراط الإيجابي والتحولات في بعدها المحلي والكوني.
new.live911@hotmail.com
التعليقات