يشكل تنامي العنف والقتل في المجتمع لغزاً محيراً انعدمت فيه امكانية تقديم حقيقة واحدة كمعيار موضوعي، فعملية الوعي تعتمد على أهمية العقل التي كادت أن تنعدم امام قسوة قلوب بعض الابناء الذين يحملون غضباً في أعماقهم يؤلب بين الناس ويزرع عداء داخليا اضافة إلى حياة مكتسبة  تؤثر في تكوين شخصيته، وتُحرض على الانحراف.

فالعوامل الداخلية المتصارعة بين الخير والشر تربي شخصا ارهابيا مزوداً بوسائل كراهية تبغض المجتمع والدولة، لا يجادل ولا يقر بحوار، ويتلذذ بالعنف والقتل ومشاهدة ضحايا الحروب ويكفر من يخالفه.

ويمثل الشعور بالإحباط والخيبة انطوائية مغلقة، ما جعل الأمر الذي يمكن ادراكه قائما على عدة خطوات أهمها منح مزيد من الحرية للأبناء في اختياراتهم، والإيمان بقدراتهم وكسر الحواجز بين الأجيال وفهم واقعهم بغرض تفكيك الشفرات الغامضة لاستنتاج خطاب فكري معتدل، كما أن محاولة بناء أسوار عالية تفصلهم عن العالم الخارجي تولد بداخلهم هامشا غريبا بعيدا عن الكفاءة والعقلانية من حيث مستوى الفهم والفعل، ونحن إذ نبين ماذا ينبغي أن تكون عليه الاعتبارات الشعورية في العلاقات الأسرية وما يترتب عليها من حب واحترام لكل فرد فلأجل أن نتيح للعاطفة ممارستها الطبيعية وقيادة الأرواح نحو الفضيلة.

فقد جعل افلاطون في الاعتدال سعادة الفرد ونظام الدولة واستقرار السلطان، ليثبت مع ارسطو أن هذه القاعدة القوية في أدبه ما هي الا فضيلة وحد وسط بين إفراطين متضادين، فالتضاد في حياتنا أصبح من أنماط الخطاب لا تعلم هل تغلق الأبواب على ابنائك وتحجب عنهم مواقع التواصل أم تتركهم دون رقابة كنوع من الحرية واحترام الرأي الآخر؟

لا نملك سوى استنتاجات مزعجة ومؤرقة بعضها مؤلم محبط وجزء منها مبهم، فالأحداث المتتابعة أرعبت الأسر والمجتمع، وأذهلت العقول واصابتها باضطراب وقلق عظيمين كونها جرائم دخيلة على مجتمع مسالم متدين مؤمن بقوة ترابطه وتراحمه وتآلفه.

لكن المفاهيم المختلفة من أعداء هذه الأمة تسللت عبر الشاشات والأجهزة الذكية موجهة لزعزعة الاستقرار الأسري ونزع الرحمة من القلوب الصغيرة، وزرع العداء تجاه الدولة وقتل الأقارب بتحريض من داعش يستهدف الشباب ويستغل الاسلام لتمرير جرائمه ضد الانسانية على كل مخالف لهم.

والحق أن هذا العداء يحتم على الجميع أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذه الأزمة، والعمل على مراقبة السلوك الصادر من الفرد ومن جوهر الشخصية التي تتغير بالتدريج ومنحها الرعاية الكافية والحرص على فتح ذلك الباب الفولاذي بين الآباء والأبناء، وإضاءة الأماكن المظلمة في نفوسهم بالحب والاهتمام والمشاركة المستمرة لينعكس على واقعهم وقد تحظى ببعض الاستجابات الاستحسانية فتبادل الأحاديث حول الحاضر المثخن بالأحداث المأساوية من جراء حروب ظالمة هجرت الشعوب من ديارها وطرح اهتمام العالم بهذا الواقع والاستبشار بالمستقبل لكي يزن من خلالها خياراته ليتفاءل ويؤمن بأن القادم مبهج والحكومة تعمل من أجل رفاهية وسعادة المواطن لإضفاء مزيد من الألق على الحياة، فالعوامل الايجابية مؤثرة إذا تمت، وإتاحة الفرص وتهيئة الشباب لمستقبل مشرق تحملان الكثير في رؤية 2030 والعمل الدؤوب لتخفيض نسبة البطالة وعلاج الفراغ الذي يملأ حياتهم فأعداد المدمنين والارهابيين في تنام.

إن السمة المقبولة لدى الجميع هي الدين وما حدث للأمة هو تشويه لهذا الدين من قبل المنظمات الارهابية التي تعمل على الإيقاع بالمسلمين في منزلق الشكوك ليعجزوا عن إدراك الحقيقة الثابتة التي تخبر أن الاسلام دين حياة وليس دين تفجير وقتل وإرهاب الآمنين، دين صالح لكل العصور ينبذ العنف ويقر الرحمة واللين واللطف في القول والعمل.

new.live911@hotmail.com