في رمضان الكريم، تنشط وسائل التواصل الاجتماعي بنشر معلومات يكاد يكون أغلبها غير صحيح أو غير دقيق أو قد لا يناسب الجميع، وقد نعتب على المتعلمين والمثقفين المساهمة في نشر تلك المعلومات المغلوطة والخرافات ولكن عتبنا أكبر على بعض المتخصصين في المجال الصحي أو الرياضي وينشرون معلومات خاطئة في غير تخصصهم، وهنا لا أنكر أن هناك مثقفين موسوعيين ولكنهم نادرون جداً لكون العلوم توسعت بشكل هائل يعجز أي شخص عن الإلمام بأغلبها. رسالتي أن يركز أولئك المختصون على تخصصهم ويتقوا الله في كل كلمة ينشرونها وسيتحملون نتائجها السلبية على قرائهم ومتابعيهم الذين يثقون فيهم دون أن يكون لديهم القدرة في التمييز بين المعلومات الصحيحة من المتخصص من الاجتهادات الشخصية التي قد يجانبها الصواب أحياناً.
نتطلع إلى قيام جميع الجهات التي تتعامل مع المجتمع ومنها الجهات المسؤولة عن الصحة والتغذية بتصحيح المعلومات المغلوطة ونشر المعرفة الصحية بطريقة مناسبة لإغلاق الباب أمام الخرافات والمعلومات المضللة وتجنيب المتلقين سيل المعلومات التي لا يعرف مصدرها ولا حقيقتها، وبدون وجود جهات موثوقة لنشر المعرفة ستنشط مصادر المعلومات المغلوطة وستؤثر على المتلقين فكرياً وصحياً ونفسياً واجتماعياً، كما نأمل أن تطبق الأنظمة الرقابية المعلوماتية على من ينشر أو يسوق معلومات مضللة تدمر فكر وصحة المتلقين، بل ربما يمكن التشهير بمن ينشر معلومات مضللة يتعدى ضررها للمجتمع ليكون عظة لغيره وللمجتهدين من غير علم.
أنواع التمور
انتشرت قبل سنوات صورة لجدول يوضح أن بعض أنواع التمور يمكن تناولها من قبل مرضى السكري ولا تؤثر عليهم ولا ترفع نسبة السكر في الدم ووضع تحت الجدول اسم فني زراعي يدعى ناصر الموسى، وبرر ناشرها أن هناك أنواعا من التمور تحتوي على سكروز أو جلوكوز أقل، بل المضحك أنه كتب أن الجلوكوز سكر بسيط لا يحتاج لامتصاص الأنسولين من البنكرياس وأكثر ما يوجد في العسل، وكتب عن السكروز أنه يحتاج لهضم في المعدة عن طريق الأنسولين ولا يناسب مرضى السكري، وهذه معلومات خاطئة بل تدل على الجهل التام بمبادئ التغذية فالأنسولين لا يمتص أصلا ولا علاقة له بهضم السكريات بل هو هرمون يعمل على دخول السكر الأحادي (الجلوكوز من الدم للخلايا) كما أن السكروز لا يهضم، كما أن نتائج التحاليل للتمور الموجودة في الجدول خاطئة، والحقيقة أنني تتبعت ذلك المنشور وحاولت الوصول لمصدره وتواصلت مع الجهات التي قيل أن الناشر يعمل بها، ولم أجد أي مصدر يؤكد صحة تلك المعلومات، ومما يؤسف له أن بعض الجهات الصحية أعادت نشر ذلك الجدول وعليه شعار تلك الجهة وأعتقد أن في ذلك تظليل للمراجعين والقراء أيضاً. في المقابل هناك جدول لتحاليل بعض أنواع التمور تم نشرها من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وبعض الجامعات السعودية وهيئة المواصفات والجودة وغيرها، ونضعها بين أيديكم للمقارنة.
ونؤكد أن جميع أنواع التمور تحتوي على سكر عالٍ ولا تناسب مرضى السكري بالذات ممن يزيد معدل السكر التراكمي عن (9) أو (أكثر من 215 ملجرام/ ديسيلتر) أو ( أكثر من 11.9 ملليمول/ لتر)، وكلها تعابير مختلفة لنفس مستوى السكر، وإن كنا نفضل معدل السكر التراكمي لكونه يعطي دليلاً أدق وأشمل، وفي رمضان يكتفي مريض السكري بتناول تمرة أو اثنتين من الأحجام الصغيرة في الإفطار.
ماهي أنواع التمور التي تحتوي النسب الأفضل لتلك السكريات (الجلوكوز والفركتوز والسكروز) التي تعتبر أقل ضررا على مريض السكري؟
الحقيقة أن مدى تأثيرها على مريض السكري يعتمد على شيء آخر غير نسب تلك السكريات، ألا وهو المؤشر الجلايسيمي وهو نسبة تحول تلك السكريات على جلوكوز الدم، ويقسم لثلاث فئات، أغذية من فئة المؤشر الجلايسيمي العالي الذي يزيد على 70 ويجب تجنب تلك الأغذية لمرضى السكري أو من لديهم زيادة في الوزن وتقع التمور كلها ضمن هذه الفئة، وأغذية من فئة المؤشر الجلايسيمي المتوسط (56 إلى 69) وهذه أغذية يمكن تناولها باعتدال ويتجنبها مريض السكري الذي يزيد السكر التراكمي عنده أكثر من 9. والفئة التي يقل مؤشرها الجلايسمي عن 55 يمكن تناولها بصفة عامة حيث إنها لا ترفع سكر الدم كثيراً.
التعليقات