لكل عصر كينونة مستقبلية ونسيج يتفاعل ويتغير حسب المعطيات والمستجدات ويتطلب الأمر شيئاً من تنظيم العلاقة بين الحاضر والمستقبل وترك الماضي يطوي صفحاته وإخفاقاته ويحتفظ بالنجاحات للاستفادة من تكوينها وخططها، فقد كان الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في الماضي القريب قلعة مغلقة وسلطة مطلقة أعلى من سلطة الدول تنفرد بالتحكم في الاتحادات والنقل وأماكن البطولات العالمية والقارية ما أوجد بها بيئة لمافيا الفساد انتهى بإيقاف بلاتر ومساعده بلاتيني ومن ثم دفع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بـ"جاني انفانتينو" الى رئاسة الفيفا.

تكتلات جديدة بعد أن ذاع خبر إشراك كبار اللاعبين المعتزلين في صناعة القرار بشأن كرة القدم وحل أزمة اتحاد الارجنتين، غير أن مارادونا وجه انتقادات لاتحاد الفيفا سابقا وشكك في مصداقيتهم وطالب بسجن بلاتر وبلاتيني مدى الحياة ووصف مسؤولي الفيفا بالديناصورات وتنوعت الشائعات واصبحت تكتسح العديد من وكالات الأنباء والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي وتبنى كثير من الناس مهام البحث عن حقيقة الفساد والاختلاسات والرشاوى والتلاعب فيما تبقى من قرارات اتخذتها الفيفا بشأن بعض الدول، وقد تضاعف الفساد في غضون خمس السنوات الأخيرة.

وبعدما تم انتخاب وترشيح "جاني انفانتينو" لرئاسة الاتحاد لم تكن أغلب الأوساط الرياضية راضية بفوزه حيث سبق أن وجه له اللاعب الأرجنتيني انتقادات، وقال إن (من الخطأ الشديد أن تتحول من سحب القرعة لخوض انتخابات لرئاسة الفيفا) فكان مارادونا يشير إلى دوره السابق كأمين عام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، حينما كانت مهامه تتضمن الإشراف على عمليات سحب قرعة البطولات الأوروبية.

ورغم الخطط التطويرية التي يحملها انفانتينو وتقديمها لمارادونا بعد أن التقيا على هامش يورو 2016 المقامة حاليا في فرنسا، في إطار رغبة الأول في إعادة الوصل بين الفيفا واللاعبين الذين كتبوا تاريخ كرة القدم، وجذب هذا اللقاء أنظار المهتمين بالشأن الرياضي وعدسات المصوريين والإعلام لمكانة الأسطورة الأرجنتينية دييغو مارادونا وحرص الفيفا على إيجاد حل للأزمة التي تعصف بالاتحاد الارجنتيني.

وفي هذا الإطار، أعلنت عدة مصادر اعلامية واخبارية عالمية وعربية عن الدعوة التي وجهها إنفانتينو إلى نجوم سابقين لحضور كونغرس الفيفا الذي أقيم في المكسيك الشهر الماضي، أمثال البرازيلي رونالدينيو والفرنسي مارسيل دوسايي والإسباني كارليس بويول، وأعلن كذلك الفيفا أواخر مايو الماضي تعيين لاعب وسط منتخب كرواتيا وفريق ميلان الإيطالي سابقا زفونومير بوبان في منصب الأمين العام المساعد في الفيفا.

ويبدو لنا بوضوح متزايد أن الإدارة الجديدة تولي اهتمامها لاتحادات أوروبا وأميركا اللاتينية ولم نسمع أو نقرأ عن أسماء عربية أو آسيوية تطرق لها انفانتينو، أو مراجعة أسباب تراجع المنتخبات الآسيوية والخلل الكبير فيها وفشل الخطط الاستراتيجية ومناقشة مشكلات الفساد والتلاعب بالنتائج المصرح بها من بعض اعضاء الأندية.

وقد شكل النمط الجديد صورة مغايرة عن المعهودة وهي استغلال شعبية ونجومية النجوم القدامى وتأثيرها في المجتمع الرياضي وتوظيفها بالشكل المطلوب كمساهمة فعالة تطرح الحلول وتستجيب لظروف جديدة من أجل تنظيم الفوضى التي أصابت بعض الاتحادات والصراع على الرئاسة وخاصة بعد وفاة الرئيس السابق خوليو غروندونا.

ومن الممكن أن ينتج هذا التجاوب من مارادونا لمطالب الفيفا إعادة تشكيل الهيكل الإداري فضلا عن صناعة القرار وانقاذ اتحاد كرة القدم في بلاده الذي يعد أمرا في غاية الأهمية، وهذا ما يفرضه العصر الصناعي لتحسين تكنولوجيا الإدارة وتغيير الطابع القديم.

أما ما انبثق عن هذه المتغيرات في قلعة الفيفا فهو سؤال محدد هل سينجح اللاعبون القدامى الأكثر شهرة في الوظائف الموكلة لهم، وتنتهي مافيا الفساد من أروقة الفيفا؟

new.live911@hotmail.com