شدني كثيراً توقيع مذكرة التفاهم بين وزارتي التعليم والإسكان فيما يتعلق باستفادة الثانية من الخبرات الوطنية المتراكمة في الأولى، وهو توجه رشيد يصب بشكل واضح في مصلحة الوطن العزيز وتحقيق تطلعات رؤيته 2030 ذلك أنّ القطاعات التابعة لوزارة التعليم وخاصة ما يتعلق منها بالتعليم العالي "تغص" بالكفاءات المؤهلة التي تجمع بين التأهيل الأكاديمي الرفيع من دول العالم المختلفة والخبرة المحلية الواسعة والإحساس الوطني الصادق، ذلك أنّ هذه الخبرات والكفاءات تمثل نخبة من السعوديين الموجودين في الوطن، وبما أنّ الجامعات حسب أنظمتها يُتاح لها تقديم الدراسات والخبرات والاستشارات للآخر "سواء كان قطاعاً حكومياً أو خيرياً أو خاصاً" فإنّ عملية التعاقد بين أضلاع التنمية الثلاثة المذكورة ومراكز الأبحاث والدراسات في الجامعات المحلية التي وصل عدد الحكومي منها حتى الآن 28 جامعة يضاف لها 10 جامعات خاصة إضافة إلى جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وجامعة الملك عبدالله "كاوست" يعد في نظري أمراً في غاية الأهمية ذلك أنه سيحقق مزايا إيجابية للطرفين، فهو من ناحية يساهم في تطوير الموارد المالية للجامعات واستثمار الإمكانات الموجودة فيها، وهو من ناحية أخرى يوفر بشكل واضح ودقيق دراسات تعرف العمق الوطني والخصوصية السعودية وتمزج ذلك بالتأهيل والخبرات الأجنبية التي صرف الوطن الأموال الضخمة في سبيل تعليم أبنائه وبناته خارج الوطن.

اعتقد جازماً أنّ التوسع في مسألة تقديم الدراسات والاستشارات من خلال الجامعات للقطاعات الأخرى في الوطن أصبح أمراً ملحاً ما دمنا نسعى إلى تحقيق النقلات الإيجابية التي يعمل الوطن من خلال رؤيته على تحقيقها، الأمر يجعلنا نتفاءل بمزيد من التعاون بين قطاعات الوطن ومزيد من الاستفادة من الكفاءات الوطنية، كما نتطلع إلى أن نحظى بقرار حكومي يعمل على توجيه القطاعات الحكومية والخيرية والخاصة أيضاً للاستفادة من الخبرات الوطنية المؤهلة في جامعاتنا ليس بصورة فردية وإنما من خلال تعاقدات لإجراء الدراسات والأبحاث من خلال المراكز البحثية في تلك الجامعات، وهو توجه طبقته ونجحت فيه الكثير من دول العالم والولايات المتحدة الأميركية على رأسها، حيث أذكر أننا كنا خلال مرحلة الدراسات العليا هناك نشارك في تنفيذ الأبحاث والدراسات التي يتم ترسية عقودها على الجامعات التي كنا ندرس فيها، وكانت تحقق تلك الممارسات الكثير من الفوائد للطلاب والجامعات وأيضاً للجهات المستفيدة .. فهل تكون مبادرة وزارتي التعليم والإسكان نقطة البداية لمرحلة متميزة وناضجة من الدراسات والأبحاث تقوم بها الجامعات السعودية "كبيوت خبرة" لقطاعات الوطن المختلفة تحقيقاً لرؤية الوطن الطموحة .. ودمتم.