من وجاهة الاهتمام بالإنسان مراعاة إدراكه ووعيه وقيمة تاريخه لأنه يشكل هوية الذاكرة والنفس وعمق المعرفة بالواقع، وعلى الرغم من معرفته وعلمه تذهله بعض الألعاب والألغاز والاكتشافات، فقد أدهشته التكنولوجيا بشكل عام لأن التقنية تحفز العقل لمعرفة المزيد من العلوم والمعارف المتنوعة وحرص على اكتشاف الجديد فعلى سبيل المثال بدأت بعض البرامج الخفيفة تستحوذ على اهتمامه مثل لعبة قارئ الأفكار البسيطة – لعبة المارد السحري أو الأزرق - فالبحث في الأصل رؤية تكشف عن ادعاءات علمية تقتحم خصوصية الأفكار وتحولها إلى كلمات ومؤشرات ظاهرة للعيان.
ومن بين هذه البرامج تطورت مهارة الإنسان لتكّون معلومات تستفز وعيه وإدراكه وتستنبط علوماً مختلفة من مشاهداته بوصفها صناعة تقنية، وما قام به العلماء في هذا الشأن هو عرض مقاطع أفلام على متطوعين، ومن خلال (fMRI) قاموا بتصوير تغيّر تدفق الدم والكمية والأكسجين في نظام القشرة البصرية (Visual Cortex System)، ومن خلال استخدام برنامج لتحليل هذه التدفقات استطاعوا إعادة بناء الصور عبر العصب البصري إلى أن يصل إلى المخ، حينها تقوم المليارات من الخلايا العصبية في المخ بتجزيء كل هذه المعلومات، وتستطيع تلك التقنية الجديدة ترجمة كل هذه المراحل لتبني صورة لكل ما تراه بعينيك، حيث استطاع العلماء أن يمسحوا المخ ويستخلصوا منه الصور والقيام بعرضها على الشاشة لقراءتها وتفكيك رموزها. (حسبما تناقلته الصحف والمواقع الالكترونية).
إذاً لم تعد لدى الإنسان خصوصية، فأفكاره ليست له وحده، إذ تستطيع التقنية اكتشاف ما يفكر به الإنسان، كما أن التقنية تستطيع أن تكتشف ما إذا كان الإنسان كاذباً أو صادقاً من خلال جهاز "كشف الكذب" الذي استخدمه المحققون منذ اكتشافه عام 1924م، ويعتمد الجهاز على تسجيل الظواهر الفسيولوجية التي يتكشف عنها جسم المتهم الخاضع للتحقيق كالتنفس وضغط الدم وسرعة النبض، بل إن التقنية ذهبت إلى ما هو أبعد وأكثر تعقيداً واستطاعت أن تخترع جهازا لقراءة أحلام الإنسان وعرضها على الشاشات، ويتم ذلك بعد أن يقوم الماسح بتصوير التغيرات الدموية في المخ، ثم تنقل هذه المعلومات إلى الكمبيوتر ليحللها، ويقوم بعرضها على الشاشة، ولك أن تتخيل مستقبل هذه التكنولوجيا، وترى أحلاماً مختلفة، تم تسجيلها على الكمبيوتر.
وغالبا ما يصاحب، بعض الاختراعات التقنية الجديدة، الكثير من الاستهجان بدعوى اقتحام الخصوصية، وهذا ما حدث بالفعل عندما بدأت شركة جوجل بتدشين مشروعها الجديد الذي يتيح رؤية المراكز التجارية والشركات والمباني والمطاعم وغيرها من الداخل ضمن خدمة "جوجل ستريت فيو" أو "عرض شوارع جوجل" وهي خدمة توفر صورا بانورامية للمدن والشوارع من الخارج عبر صور تم التقاطها سابقاً من قبل فريق من الشركة، ونتيجة للغط المصاحب لتلك الخدمة واتهامها باختراق الخصوصية والحريات الشخصية، أكدت جوجل على الحرص بأن تكون الصور خالية من البشر تماماً.
لم يقف الناس عند حد استهجان تلك الاختراعات التقنية الجديدة التي بدأت تقتحم خصوصيته، بل إن كثيرا من العلماء والمشاهير في عالم التقنية، أبدوا تخوفا من التأثيرات السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي الذي رأوا فيه تهديدا صريحا لاستمرار الجنس البشري، وخصوصا مع استمرار تطوير الـ"روبوتات" لتصبح أكثر ذكاء، وهو ما دفع بيل غيتس مؤسس شركة "مايكروسوفت" لإبداء رغبته ببقاء الـ"روبوتات" غبية، مؤكداً أنه في معسكر من يشعر بالقلق إزاء الذكاء الخارق للروبوت، وهذا يؤكد أن الذكاء الاصطناعي الذي اعتمد عليه بيل غيتس في بناء إحدى أضخم شركات التقنية في العالم، لم يخف قلقه من تنامي تطور التقنية لتصبح أحد أكبر الأخطار المهددة للوجود البشري في عالمنا الحديث.
new.live911@hotmail.com
1
علي الغامدي
2016-06-13 05:25:40بعد ما قرأت مقالك أستاذة مها الشريف وضعت يدي على قلبي وقلت الله يستر من اختراعات الغد ...
بس لا أظن مهما وصل العلم ووصلت الاختراعات تستطيع التقنية التحكم في تفكير الإنسان لأنه ببساطة الله الذي خلق الإنسان ومنحه قدرة التفكير