يأتي إعلان المملكة العربية السعودية، عن نظام حوكمة وضعه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، لتحقيق «رؤية المملكة 2030»، في الاتجاه الصحيح، باعتباره يوفر الضمانات الكافية واللازمة، لتفعيل مأسسة عمل الرؤية، والرفع من كفاءة الأداء، وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة بتنفيذ الرؤية بما يُمكّن المجلس من المتابعة الفاعلة للتنفيذ.

وتتضح أهمية وضع نظام للحوكمة يرتبط بتنفيذ رؤية المملكة 2030، انطلاقاً من حجم الأعمال والبرامج والمبادرات العديدة، التي ترتبط بتحقيق الرؤية، بالشكل الذي يكفل تحقيقها، والذي بدوره يتطلب تنفيذ عدة برامج تنفيذية تقوم الرؤية بترجمتها خلال عمرها الزمني إلى واقع ملموس على الأرض، والتي من بينها برنامج التحول الوطني، وبرنامج أرامكو الاستراتيجي، وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج الشركات الاستراتيجية، وبرنامج التوسع في الخصصة.

هذه البرامج وتلك المبادرات لا يمكن لها أن تُحقق طموحات وتطلعات الرؤية ومقاصدها النبيلة والسامية، المتمثلة بأن تصبح المملكة مجتمعا حيويا، واقتصادا مزدهرا، ووطنا طموحا، دون ما يكون هناك فهم واضح للدور المطلوب من جميع المشاركين وأصحاب العلاقة بتنفيذ الرؤية، من خلال وضع اطار عام يتم من خلاله تحديد الأهداف والإشراف على تحقيقها ومراجعة الأداء، إضافة إلى وجود نظام حوكمة فعال، يكفل الاستقلالية والفصل بين المهام المختلفة وعدم تعارضها.

ومن هذا المنطلق حرص مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على وضع نظام لحوكمة رؤية المملكة 2030، بحيث يكفل توضيح المهام والمسؤوليات بشكل انسيابي ومسؤول يكفل الفصل بين المسؤوليات والأدوار والمهام، ولكن في ذات الوقت يحقق التناغم بين الأهداف وعدم تعارضها، بما في ذلك الالتزام بتنفيذ الواجبات والمسؤوليات الملقاة على عاتق جميع الأفراد والجهات صاحبة العلاقة بتنفيذ المبادرات والبرامج المتعلقة بالرؤية.

وقد حَدد نظام حوكمة الرؤية العديد من الأدوار والمسؤوليات، التي تسهل من تحقيق وبلوغ أهداف الرؤية، حيث على سبيل المثال، قد حُدد على مستوى رسم التوجّهات والاعتماد، أن يكون هناك دور هام وواضح لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في تنفيذ الرؤية، بناء على التفويض الممنوح للمجلس من مجلس الوزراء، بحيث يَتولى المجلس وضع الآليات والترتيبات اللازمة لتحقيق «رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، ليشمل ذلك رسم الرؤى والتوجّهات والبرامج والرفع بها، والبت فيما يطرأ على البرامج والمبادرات من تعديل أو تحديث، كما يتولى المجلس البتّ فيما من شأنه إعاقة تحقيق البرامج التنفيذية لأهدافها فيما يقع ضمن اختصاصاته.

وهناك مثال آخر يرتبط بحوكمة الرؤية له علاقة بآليات اعتماد تمويل البرامج والمبادرات، بما في ذلك تطوير النفقات متوسطة المدى، حيث ستقوم اللجنة المالية بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بهذا الدور، بالشكل الذي يكفل وجود تخطيط مالي سليم للتدفقات النقدية الخاصة بتنفيذ برامج ومبادرات الرؤية المخلتفة.

ومثال آخر على حوكمة رؤية المملكة 2030 المرتبط بالفصل بين المهام والمسؤوليات والمنع من تداخلها، تحديد مهام الفريق الإعلامي بالمجلس، بحيث تكون مهامه محصورة في ترسيخ الصورة الذهنية لـ»رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، ليشمل ذلك توحيد الرسائل الموجهة للرأي العام وتصحيح ما قد يكون خاطئًا منها وتطوير الخطط الإعلامية لـ «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» والبرامج التنفيذية المرتبطة بها لإطلاقها للجمهور تعزيزاً لمبدأ الشفافية.

دون أدنى شك ان وجود نظام حوكمة لرؤية المملكة 2030، سيساعد على تسهيل مهمة تنفيذ المبادرات والبرامج المرتبطة بالرؤية، وسيكون عاملاً مساعداً على ذلك، لا سيما وأن النظام نجح في توضيح كافة المهام والأدوار والمسؤوليات المرتبطة بتنفيذ الرؤية، والتي ذكرت أمثلة لبعضها ولم يتسع المقال لذكر جميعها، والتي من بينها مسؤوليات مكتب الإدارة الاستراتيجية في المجلس، ومكتب إدارة المشروعات، ودور وزارة الاقتصاد والتخطيط، ومركز الإنجاز والتدخل السريع.