أكد مختصون وخبراء اقتصاديون أن موافقة مجلس الوزراء على برنامج التحول الوطني، أحد برامج رؤوية المملكة 2030، هو بداية الانطلاقة نحو التغير الشمولي للاقتصاد المحلي المؤثر على اقتصاديات العالم، مبينين أن من أهم الأهداف التي سيحققها هي الحد من البطالة والمشاركة الفاعلة للمرأة في سوق العمل، وحل أزمة الإسكان، وتعزيز المساهمات الاقتصادية، إلى جانب تطوير الأنشطة الثقافية والترفيهية والسياحية.
الأهداف المرسومة «بعناية كبيرة» تركّز على جوانب الوطن والمواطن بكل شفافية
التحول الوطني
وقال عبدالغني الأنصاري، خبير اقتصادي أن برنامج التحول الوطني كان مفاجأة للجميع وهو أحد البرامج التي خرجت من الرؤية 2030 وسيتبعه برامج أخرى، وهو إرادة دولة قدمت من خلاله رسالة للمجتمع السعودي والدولي، أن المملكة تعمل وفق خطة واضحة وآليات تنفيذية، وليست مجرد حلم كما تخيل منتقديها سابقاً.
وأضاف، أن مرحلة الأعوام الخمس المقبلة ستكون مؤسسة لمشروع الرؤية الجديدة 2030، وأن من يخفق أو يتردد في التنفيذ سيستبعد وسيحاسب، موضحاً أن المشروع طموح وسيصنع رؤية بلد وسيغير خارطة المجتمع الاقتصادي نحو صناعة الإبداع باقتصاديات متنوعة، مستدلاً باقتصاديات التمور، والحج والعمرة، والتجارة الإلكترونية للوصول إلى أكبر منطقة تجارية حرة على مستوى قارتي آسيا وأفريقيا.
الإسكان
وأوضح أن البرنامج سيحل أزمة الإسكان بعد أن فقد هذا الملف جميع الحلول العملية، ليتحول إلى مشروع حقيقي سيشاهده الجميع وهو العرض الذي يشكل تحدياً كبيراً ومحورياً أمام الوزارة التي ستسهل إجراءات السكن حتى ولو لم يكن هناك سيولة، مشيراً إلى أن هناك العديد من الأدوات المحفزة للقطاع الخاص، ليبني وينشئ ويغير ويصنع الشراكة مع البلديات والإسكان.
وتابع قائلاً: الرسالة الثانية لهذا البرنامج هي للقطاع الخاص الاتكالي على القطاع الحكومي بأنك ستكون قائدًا وجناحاً قوياً يقود التحول الوطني، لذلك يجب أن يكون هذا القطاع على قدر المسؤولية والإدارة والإبداع وحسن التصرف والشفافية لتحقيق مضاعفة الناتج الإجمالي وهي الصادرات، وتحقيق هذا الملف بالذات سيهيئ آلاف الوظائف".
مبادرات ومؤشرات
من جهته أشاد د.عبدالله المغلوث عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض، بموافقة مجلس الوزراء على برنامج التحول الوطني سعياً إلى تحقيق الرؤية الطموحة 2030، مؤكداً أن القارئ لما بين السطور سيلمس مدى الحراك الذي سيحدثه البرنامج من خلال جملة من المبادرات والمؤشرات، التي سوف تتحقق خلال الخمس سنوات والتي من المؤكد أنها ستواجه تحديات وعقبات ستجتازها بالإرادة والعزيمة، مضيفاً أن عقلية المتابعة السنوية خلال هذه الفترة ٢٠٢٠ سوف تكون من الأهمية بمكان لضمان تحقيق ما تم وضعه من مؤشرات تتعلق بالأداء الحكومي، أو الخدمات المقدمة بالإضافة إلى الإيرادات المتوقعة غير النفطية، كما أشارت وزارة المالية إلى أنها ستصل إلى ٥٣٠ مليار ريال في عام ٢٠٢٠، موضحاً أن هذه المؤشرات عريضة وواسعة لجميع القطاعات.
الطاقة والمياه
وذكر المغلوث أن خفض الدعم عن الطاقة والمياه، سيكون على أساس سنوي حيث متوقع أن يكون خلال ٢٠٢٠ ما يعادل ٢٠٠ مليار ريال، أما حالياً فهذا الرقم بحدود ٣٠ إلى ٤٠ مليار ريال خلال السنة الأولى من تطبيقه، لافتاً إلى أنه عند المقارنة بين الأسعار المحلية والدولية، لابد أن تتحرك الأسعار تبعًا للمستويات التي تتحرك فيها الأسعار الدولية كل ثلاث أشهر.
وزاد قائلاً: "إن جزءاً من برنامج العمل سوف يكون مشتركاً بين ٢٤ جهة حكومية حتى ينجح هذا التحول، أي أن هناك ٥٤٣ مبادرة عبر ٢٤ جهة لتحقيق تلك الأهداف، ومن تلك الأهداف التي يسعى إليها التحول الوطني رفع نسبة عمل المرأة في الوظائف الحكومية بنحو ٤٢٪ والحد من تباين الرواتب والتعويضات بالإضافة إلى تقليص فترة إيصال المياه من ٦٨ إلى ٣٠ يوماً وأيضاً دخول المملكة في استثمار الطاقة المتجددة، وأن القطاع الخاص سيمول ٤٠٪ من إنفاق الحكومة على مبادرات التحول، وكذلك زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة ٢٢٥٪ لتصل ٥٣٠ مليار ريال.
القطاع الخاص
وأشار إلى أن القطاع الخاص سوف يلعب دوراً كبيراً من خلال هذا التحول إلى تبني مشروعات والتوسع فيها بما يخدم الأهداف الطموحة، وأن الشركات السعودية تتلهف بأن يكون لها نصيب من هذا البرنامج الرائد، لاسيما وأن هذه الخصخصة سوف تقلل من ثقل وأتعاب الدولة وتساعد على تحسين الأداء، بل تسهم كذلك في المنافسة وضمان تعزيز الكفاءة والفعالية وتقديم أفضل خدمات للمواطنين، مقترحاً أن يتم تأسيس صناعة الضيافة لخدمة ضيوف الرحمن، وإيجاد أعمال دائمة تحل محل الأعمال الموسمية لطالبي الوظائف.
برنامج طموح عملي
من جهته أكد م. كمال القبلي مهندس استشاري، أن برنامج التحول الوطني هو خطة وبرنامج طموح عملي وموضوعي، وأن خطته بعيدة كل البعد عن المنمقات اللفظية والكلامية والتعبيرات الإنشائية، التي لا تبرز واقعا ولا تحقق هدفاً، مشيراً إلى أن من أهم ما حوته هي تحديد الأهداف وترجمتها إلى مبادرات ومشروعات، وتعزيز العمل المشترك والتكامل لتحقيق الأهداف الوطنية وتوليد الوظائف والاستفادة من الطاقات المعطلة، والمسـاهمة فـــي تعزيز الشـراكة مع القطـاع الخاص، إلى جانب المسـاهمة فـي تعظيم وتطوير المحتوى المحلي والاعتماد عليه بالتحول الرقمي، والشفافية والتنظيم المؤسساتي والدعم التخصصي والفني والمالي بكل جوانبه.
وبيّن أن من الأهداف المرسومة بعناية كبيرة تركز على جوانب الوطن والمواطن بكل شفافية وبشكل مباشر، وبكل الطاقات والإمكانيات المتاحة، مشيراً أن البرنامج يشكل مشروعاً هندسياً متكامل يعتمد نجاحه على ثلاثة مرتكزات أساسية هي:
الصناعة من خلال دعم ومساندة الصناعات القائمة، وزيادة أعدادها والعناية بمخرجاتها من الإنتاج ليكون منافساً وقوياً ويستطيع قطع المسافات لخارج الوطن بكل قوة واقتدار، لافتاً إلى أن جانب الصناعة من الأهمية أنه هو الجانب الأساسي لتطوير التقنية واستحداث النظم الجديدة المساعدة في توفير الطاقة، وفي توفير هدر المواد وهدر الوقت وهي عوامل النجاح والاستمرار للقطاع الصناعي.
المكاتب الهندسية
ولفت إلى أن الهندسة والمهندسون من خلال دعم ومساندة المكاتب الهندسية التي تقدم الخدمات الفنية والهندسية بكل قطاعاتها المختلفة، هي من يستطيع خلق الهوية الوطنية وإبرازها بشكل جمالي متناسق وبشكل جذاب يعطي للخدمات عمقاً كبيراً جمالياً واقتصادياً وخدماتياً، بحيث يمكن معه من تخطي حدود الوطن، لإثراء الحضارات والأمم الأخرى، موضحاً أن الهندسة والمهندسين هم الجناح الرئيسي للقطاع الصناعي، حيث يتكامل الجناحين في إيصال المحتوى الصناعي بالخبرات الهندسية إلى مستويات راقية من التنافس والبقاء.
التكامل الصناعي
وأضاف أن بحوث التطوير عبر الجامعات ومراكز الأبحاث الموجودة حالياً، هي جوانب التكامل الصناعي والهندسي فلا يمكن لأي قطاع صناعي أو هندسي البروز والتقدم إلا من خلال دراسات البحوث والتطوير لزيادة الكفاءة والفعالية، وتقليل الهدر المالي والزمني وهدر المواد والتقنية والطاقة، مضيفاً أنه يجب أن تكون مراكز الدراسات والبحوث في كل مدينة ليكون أداؤها قوياً ليتم الاستفادة من نسب الأعمال التطبيقية الصالحة، والتي يمكن لها أن تساعد كثيراً في دفع العجلة لمسافات طويلة وكبيرة والقفز فوق الحواجز أينما كانت ومهما كانت.
وأشار إلى أن إخراج مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، من انطوائها على نفسها وإخراج إنتاجها للعلن ونشره في ورش عملية في كل مدن المملكة بشكل دوري ودائم ومستمر، سوف يمكن كثيراً من بروز عدد كبير من الاختراعات والابتكارات التي في إدراجها لواجهة التطبيق والتنفيذ العملي والاستثماري، في كل القطاعات الصناعية والهندسية والتقنية والاتصالات وهذا سوف يختصر كثيراً من الوقت، لأنه لدينا كنز جاهز يحتاج فقط إلى تفتيش وترتيب وتنظيم وبحث عن الأفضل والأكفأ والأسرع في الإنتاج.
وقف الهدر المالي والزمني
وأردف القبلي: إما عن جوانب وقف الهدر المالي والزمني وتوفير كثير من التكاليف فهناك كثير من البرامج الهندسية المساعدة للوصول لهذا الهدف "هدر الطاقات" ومنها نظم إدارة المشروعات، ونظم الهندسة القيمية ونظم برمجة المشروعات والحسابات الدقيقة لتفاصيل المحتويات، حيث يمكن ملامسة المحتوى المطلوب من كل برنامج بشكل كبير قبل بداية العمل فيه وهذا يخفف كثيراً من أخطاء التقديرات غير المدروسة والاحصائيات القديمة، وعمل البرمجة الدقيقة والتي ستكون عصية ان شاء الله على التعثر والتأخير، كما أن التوسع في مشروعات القطارات والمواصلات الداخلية سوف يساعد كثير في وقف هدر الطاقة وتلوث الاجواء وانشاء المدن على خطوط القطارات، سوف يساعد في الاستيعاب للشباب فمثلاً يمكن ان تكون هنا خمسة مدن جديدة أو حتى توسع لقرى ومحافظات قائمة على طريق المدينة - مكة، وسكة الحديد سوف تساهم كثيراً في جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية وكذلك بقية المدن.
تناسق المواقف
وشدّد القبلي على ضرورة تناسق المواقف بين قطاعات وإدارات الحكومة المختلفة وهيئاتها ومؤسساتها، والتوافق على تعظيم ودعم المحتوى الوطني بكل أشكاله وعدم التأثير على ذلك من خلال برامج أخرى، من هيئات أخرى قد تنسف هذه الجوانب وتقلل من أثرها في الواقع وطبيعة العمل، مضيفاً أنه سوف يتم تفعيل ذلك من خلال إنشاء لجنة تنسيقية للبرنامج لمراجعة نظم وقرارات جميع الجهات الأخرى للتأكد من توافقها مع توجه البرنامج والانسجام مع أهدافه.
التعليقات