الترفية مزية أولى وليست أخيرة ونمط معيشي يعد ضرورة للحياة في معظم مراحلها، التي طالما اتسم طابعها بالجدية والقسوة، فقد اقتصر دور المرء على ما يشعره من غلو في التقدير العام لا ليبرره على حقيقته بل ليحجبه عن نفسه وهو مدرك أهميته لا سيما أن كثيراً من أبناء مجتمعنا يبتعدون بقناعتهم عن تحسين الشكل العام للحياة، وما جاءت به الأوامر الملكية هو كأي أمر جديد له تأثير كبير يتناهى إلى أن يصبح مناشدة ضرورية تجني أصداء واسعة تنشط الذاكرة وتكشف الصعوبات والمفارقات التي تدفن الرغبات في حياة الإنسان.
وهل نستطيع القول إن الإنسان واع بما يكفي وعليه تحمل جميع الضغوطات التي تُمارس على هذا الوعي؟ ونطالبه بمزيد من العمل والنشاط والاستقامة والسياحة الداخلية دون تقديم أي خيارات منافسة لدول أخرى نجحت في برامجها السياحية واستقطبت الملايين سنوياً (فالحياة بأكملها تتغذى على المنبع الحسي كما قال جبرا إبراهيم جبرا) فمن الطبيعي أن يهلل ويفرح المواطن بإنشاء هيئة للترفيه كخطوة جريئة لتحقيق أهداف رؤية "السعودية 2030" والمساهمة في تعزيز السلوك الإنساني المتزن، فمن المبهج أن هذه الهيئة وُضعت لسعادة المواطن والمقيم وجعلته على رأس أولوياتها حيث ركزت الرؤية على تفعيل دور الترفيه.
فإذا ارتبط هذا الجزء الأساسي بما يميزه من حيث الإعداد ووفق دراسة من قبل خبراء عالميين فإن إنجاز هذا الملف سيحقق قدرة على إتمام مهام هذه الهيئة لأن بلادنا تتميز بمناخ يختلف من منطقة لأخرى حسب تضاريسها وموقعها تحت تأثير المرتفع الجوي حسب المناطق فهي غنية بالجبال والهضاب والصحارى والسهول الساحلية والشواطئ الجميلة، فالنشاط الترفيهي في محاكاة الطبيعة تبعاً لجدليته الداخلية يحقق نتائجه ويتحدد كفعالية إبداعية تنعكس إيجاباً على الواقع القائم.
ينبغي أن ندرك هنا أن العقول اليوم تختلف عن عقول الأمس مما يوجب التطوير ولا يترك كل شيء في مكانه ومراعاة الفارق الزمني، حيث أوجد الإنسان تبدلاً ملحوظاً فلم يعد يقبل ببرامج الفعاليات البدائية في جوهرها والفقيرة في إعدادها، التي لا تتوافق مع الرؤية المستقبلية المذهلة وتوظيف كوادر مؤهلة وإنشاء رقابة على الأعمال المقدمة والمحتوى الترفيهي ومدى مواءمتها مع أبعاد العصر بما فيها التسويق للألعاب الإليكترونية وتأثيرها على عقول النشء.
ويعد الجذب السياحي دعماً للاقتصاد الوطني بعيداً عن النفط وإنعاشاً للسياحة الداخلية وتذليل العقبات أمام المستثمرين ومنح المزيد من الامتيازات والتسهيلات ورفع مستوى االوعي بالمنتج الترفيهي كما جاء في سياق الأوامر الملكية التي لا تقل أهمية عن بعضها فكل خطوة وإجراء له قيمة مالية كبيرة وقوة اقتصادية هائلة كإنشاء صندوق سيادي بتريليوني دولار تمكنه من شراء أكبر الشركات في العالم.
إذاً، فلنبحث عن موجبات الترفيه وحقيقة العمل بوصفه عملاً بالغ الأهمية للصحة النفسية والاجتماعية والاقتصادية، ففي زمن الكوارث الإنسانية والكوارث الطبيعية ومآسي حروب عديدة عانت النفوس من صراع وقلق واكتئاب وصور غرقى وقتلى مرعبة ارتسمت على جدار الروح البشرية، فالترفيه يلبي الحاجات النفسية بشكل خاص.
ولا ننكر أن المجتمع يخضع لإكراهات اجتماعية باعتباره كياناً معنوياً غير منظم ينحاز إلى ميول تقليدية وتبادلات جماعية، وما جاء في الأمر الملكي يإنشاء هذه الهيئة نابع من إدراك القيادة الرشيدة وحرصها على إظهار الوجه الإيجابي لحياة زاهرة ثرية بالعطاء وأسلوب فريد يعمل على إضافة الترفيه بوصفه إبداعاً على الحياة العامة.
new.live911@hotmail.com
1
علي الغامدي
2016-05-16 13:56:03من أجمل المقالات التي قرأتها بعد استحداث وزارة الترفيه مؤخرا
.اتفق معك أستاذة مها أن انسان اليوم يختلف عن انسان الأمس والظروف التي نعيشها الان تحتم على الحكومات العربية توفير كل وسائل الراحة والترفيه للمواطن وها نحن نرى في الخليج وزارة السعادة ووزارة الترفيه
2
hamid*
2016-05-16 12:08:10أنت رائعة...(للأم فضل كبير على أبنائها..أكتب عن هذا الموضوع)..هذا سؤال لمادة التعبير جاء في أمتحان الصف الخامس الابتدائي..
في التيرم التاني بمحافظة شمال سيناء المصرية..وكانت درجته النهائية 14 درجة..فكتب تلميذ يدعى محمد عبد الكريم عن هذا الموضوع ، فأعجب كنترول التصحيح بموضوعه ، فمنحه 11 من 14 ، وكل من قرأ موضوعه قد أعجب به ، لدرجة أن وزارة التربية والتعليم منحته شهادة تقدير ، وأعدت له يوما خاصا لتكريمه،.فماذا كتب التلميذ!!كتب وعبّر عن الموضوع في عبارة واحدة.وهي..(ماتت أمي ..ومات كل شيئ معها)...!!.
3
سامي العسيري
2016-05-16 09:05:11ومن اهم وانجع العلاجات النفسية والروحية هو القرآن الكريم (فيه شفاء للناس) (ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) فهل نعي ذلك وندرك انفسنا وذرياتنا وأزواجنا قبل ان ينفرط العقد؟