بداية جميلة لوزير الصحة توفيق الربيعة أن يتيح لأفراد المجتمع إبداء مقترحاتهم لتطوير وزارته، فالوزارة تنوء بالسلبيات وإصلاحها بات ضرباً من ضروب الخيال بعد تكالب العلل عليها، كما أن المحسوبيات تمسك بخناقها حتى أصبحت بيئة العمل طاردة للمختصين والمبدعين، ليتم وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب، وهذا ما فاقم الشكوى من استمرار الأخطاء الطبية، وسوء توزيع الخدمات الصحية، ونقص الأسرّة، وتباعد المواعيد الطبية، وضعف وتهالك البيئة الإدارية.

لكن دعونا نستعرض بعض المشاكل مثل تولي الأطباء الاستشاريين مهامَّ إدارية لم يؤهلوا لها، حيث يكشف الواقع أن٩٠٪ من مديري المستشفيات الكبرى لا يحملون المؤهل العلمي في تخصص الادارة الصحية أو إدارة المستشفيات فنخسر طبيباً مؤهلاً ويحرم المريض من طبيبه ولا نكسب إدارياً متخصصاً، والفرق شاسع بين التخصصين، ما يرفع الستار عن عشوائية إدارية تتعامل مع أرواح الناس بالتجربة والتعلم بالخطأ!!

أما هشاشة الرقابة والتحيز لزملاء المهنة فالشواهد كثيرة، أهمها عمل الأطباء الاستشاريين في أكثر من مستشفى خاص في آن واحد وخلال أوقات الدوام الرسمية فيتكرر غيابهم عن العمل تاركين مرضاهم المنومين معرضين لخطر المضاعفات الصحية.

ومن مفارقات الأخطاء الإدارية تعيين الطبيب مديراً للشؤون الصحية مع أن الوظيفة تتطلب تخصصاً ومهارات إدارية علمية وإلماماً بالوسائل والطرق والأدوات الإدارية وتفرعاتها، كالتخطيط والجودة وإدارة الموارد البشرية واللوجستية، وغيرها من الأساليب والأنظمة الحديثة للأمن والسلامة والتموين.

وكذلك ليس من تبرير لتعيين طبيب استشاري بمنصب المدير التنفيذي للمستشفيات الكبرى، على اعتبار أن الهياكل التنظيمية في المستشفيات الكبرى تضم منصبين؛ الأول المدير العام والذي يتطلب مؤهلاً إدارياً متخصصاً في المجال الصحي، والثاني هو المدير الطبي المسؤول عن الإشراف المهني والطبي للمستشفى وكوادره الطبية، مما يحقق تكامل المنظومة الإدارية وعملها بشكل صحيح، ويحقق تقديم خدمة صحية آمنة.

لذا فما نأمله هو أن تكون ضربة البداية قيادة تحوّل نوعي للحد من الفوضى المالية والإدارية في الوزارة من خلال إعادة الأطباء ومن تحتهم من الفنيين إلى العمل الصحي تجنباً للهدر المالي والعبث الإداري، والاستعانة بالكوادر المتخصصة بالإدارة الصحية إذا أردنا لواقع عملنا الصحي النهوض لمستوى التطلعات.