أنكر قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي مسؤوليته عن أحداث لوكربي، استغرق منه الإنكار مدة جاوزت العقد من الزمان، غير أن منظر الرئيس العراقي المخلوع في حفرة العنكبوت، كان كافياً لجعل سعادة العقيد يبادر بالتراجع عن كل مواقفه السابقة، وأن يتعهد بدفع التعويضات لأسر الضحايا. لا جديد في هذه القصة، غير أني تذكرتها بعد أن سألت نفسي وبصوت مسموع: كم يحتاج الرئيس الليبي من الوقت حتى يعترف بمسؤوليته عن تخطيط وتمويل محاولة اغتيال سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، تلك المحاولة التي هي اليوم، الخبر الرئيس في كافة وسائل الإعلام العربية والأجنبية على حد سواء.
لم يكن غريباً أن ينفي وزير الخارجية الليبي تفاصيل الفضيحة، فلدولته مع الإنكار تاريخ طويل، غير أن الغريب أنه وفي سياق حماسه لنفي الخبر قال إنه يذكر الجميع بالدور الذي تلعبه ليبيا في مكافحة الإرهاب! تذكرت على الفور بعد سماعي لهذه العبارة على لسان المسؤول الكبير، تفجير الطائرة الأمريكية فوق لوكربي عام 1988، والطائرة الفرنسية (يوتا) عام 1989، وتفجير ملهى (لابيل) عام 1986في ألمانيا كان هذا ما ورد على ذهني في تلك اللحظة وما لم يرد أدهى وأعظم.
في الواقع، ليس من الغريب أن يتورط القذافي في أي عملية ارهابية في العالم، غير أن الغريب هو أن يتورط بمحاولة اغتيال ولي عهد الدولة التي أنقذته من الحصار الدولي المفروض عليه، في وقت تخلى عنه كل من حوله من الدول.
والأغرب أن يكون مبرر هذه المحاولة هو الانتقام الشخصي، وهو بهذا يبدو ناسياً أو متناسياً أن الحرب العالمية الأولى والتي حصدت ما حصدت من ارواح البشر كانت شرارتها عملية اغتيال لولي العهد النمساوي. كل هذا يجعل من مثل هذه المحاولة عملاً صبيانياً غير مسؤول قام به (العيل بتاع ليبيا) كما كان يحب الرئيس المصري الراحل انور السادات ان يسميه.
كما أن محاولة الاغتيال كشفت لنا عن حقيقة الدور الذي يقوم به المعارضون للوطن السعودي في الخارج، والذين تورطوا في تجنيد العناصر الإرهابية من التيار المتطرف لتنفيذ هذه العملية، ولعل بياناً كان سيصدر من تنظيم القاعدة في حال نجاح هذه العملية - لا سمح الله - يعلنون من خلاله أن مبررهم للتنفيذ كان طلب الشهادة، واحياء الجهاد! وليس حفنة من الدولارات كما اتضح من تفاصيل الفضيحة المنشورة في وسائل الإعلام.
ان هذه المحاولة الفاشلة في حقيقة الأمر، تعتبر بمنظور القانون الدولي العام، بمثابة إعلان حرب من قبل الجماهيرية الليبية على المملكة العربية السعودية.
وللسعودية اليوم، ان تبادر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الليبيين، على أن تتبعها بعد ذلك بإجراءات قانونية لمحاصرة العقيد الليبي ومحاسبته امام المحكمة الجزائية الدولية.
كما أن لحكومتنا أن تتقدم بطلب تسليم رسمي للمتورطين في عملية الاغتيال والمقيمين في بريطانيا، ولعل هذا الطلب سيكون بمثابة المحك للعلاقة بين الدولتين، وعلى ضوء القرار البريطاني سيكون لصانع القرار السعودي الحرية الكاملة بتحديد مسار العلاقة الجديد مع البريطانيين.
1
فهد بن محمد
2004-06-15 01:55:00حقيقه انك مبدع
كل حرف تكتبه فيه ابداع وحقايق واضحه
دمت بخير 0
2
عبدالله - جدة
2004-06-14 06:29:00أعتقد إننا استهلكنا ما فيه الكفاية من المجاملات السياسية والاقتصادية والإدارية في علاقتنا مع الدول العربية التي تؤمن بعضها بأن هذه المجاملات وتعددها هو دليل ضعف ما وليس تأدبا أو مكارم أخلاق عربية متأصلة في أبناء هذه الجزيرة.
علينا إذا أن نكون صارمين جدا عندما يتعلق الأمر بتهديد أو التخطيط لعمل سيء يقصد به أعلى سلطة في المملكة العربية السعودية أو عندما يتعلق الأمر بالأمن الوطني للبلاد بصفه عامة.
المهادنة لا تجوز على الإطلاق في مسائل بهذا القدر من الخطورة.
أما فيما يتعلق بالمنشقين السعوديين في لندن فانه بألا مكان الضغط على الحكومة البريطانية لتسليمهما خصوصا بعد الاعتداء الذي وقع على الـ BBC في الرياض مؤخرا.
وكما هو معلوم في القانون البريطاني بعد الــ 11 سبتمبر وإنشاء قانون الإرهاب بأن تهمة التحريض وحدها كافية لاعتقال هذان المنشقان (رغم محاولتهما حاليا من الامتناع عن التحدث عن الجهاد يين كما يسمونهم أو أبداء الرأي في حوادث قتل الأجانب) لكن هذا التحرز قد أتى متأخرا جدا (Too late) فهناك ما يكفى من تسجيلات لهما لقناة الجزيرة أو في منشوراتهما أو في كتبهم ما يكاد أن يكون كافيا لاعتقالهم. هذا عدا ما تملكه المخابرات البريطانية والسعودية والأمريكية عن علاقاتهما بالتخطيط واستلام مبالغ مالية من مخابرات ليبيا.