عندما كتبت مقالاً سابقاً بعنوان تزوج سعودية كان تعليقاً على حادثة ضرب المذيعة السعودية رانيا الباز وظاهرة ضرب الزوجات دون روادع قانونية، قلت فيه إن معارض بيع السيارات تتمتع بحماية أكثر مما تتمتع به حماية الزوجات، فوصلتني رسائل ومكالمات تقول إن عليّ أن أوغل طعناً وإبرازا للعنف الأسري المريع في مجتمعنا، لكنني لم أفهم ماذا يمكن أن يزيده كاتب أكثر مما فعلت حكاية واقعية تفرج المشاهدين والمشاهدات على تفاصيلها، وشاهدوا الضحية كما في الدعايات قبل وبعد الحادثة، قبل وجه شاب وجميل وبعد الحادثة وجه محطم العظام، أسود الكدمات مصحوباً بتقرير طبي لم يطمح صاحبه بكسب دعوى تتكلف تعويضاً بالملايين، مثل الملايين التي قد يحصدها رافع دعوى في بلاد من البلدان المتحضرة لو وجد بعوضة في ساندويشه، وقلت أيضاً ان تلك الحادثة التي روعت المتفرجين والمتفرجات على وجه الخصوص لم تكن غير واحدة من حكايات مخبأة بين الجدران وفي أروقة المستشفيات والمحاكم، لكن عادة الجمهور لا يتعاطف إلا مع النجوم ولا يستيقظ إلا حين يقع الشر في بيت قريب أو صديق أو نجم اعتاد أن يراه جميلاً في الظاهر ثم يراه في اليوم التالي ساقطاً يسبح في دمائه على يد زوج أرعن كما في حادثة رانيا الباز.

اليوم أعود لذكر تلك الحادثة بعد أن قرأت في احدى الصحف تقريراً عن أن الزوج قد حكم عليه بستة أشهر قضى منها شهرين على ذمة التحقيق والحجز وبقي له أربعة أشهر فقط ويخرج، ليس هذا فقط ما روعني بل تعليقاً سافراً من احدى القريبات المحتجات على ظلم العقوبة وتجاوزها قوانين العدل بأن قالت (عشنا وشفنا كيف يحكم على الزوج بتلك العقوبة الظالمة ونحن في بلد لا يعاقب فيه الزوج على ضرب زوجته)، وتحليلي هو أن معها حق فهي لا تستنكر الحكم بل تعتمد على رفضه بأنها في بلاد لا يعاقب الزوج فيها على ضرب زوجته وأضيف أيضاً ولا أخته ولا ابنته فقط يعاقب لو ضرب ابن الجيران أو ضرب غريباً يمر في الشارع حتى ولو كان عاملاً هندياً أو فلبينياً، وحتى لو صدم شجرة لوجد قانوناً يغرمه أكثر مما يغرم زوجاً ضرب زوجته، لهذا بدا حكم بسجن ستة أشهر حكماً جائراً لرجل شرع في قتل زوجته وقال لها مرتين: تشهدي!! وحطم جسدها وكسر وجهها ثلاثة عشر كسراً باختصار عملية شروع في قتل مع سبق الإصرار والترصد، والجزاء هو ستة أشهر سجن، يا بلاش!!

لم أكن مخطئة حين قلت في المرة السابقة تزوج سعودية فالأمر لن يكلفك أكثر من سيارة بل أقل، لكن اسمحوا لي أن أقول للسيدات اللواتي طلبن مني أن أوغل أكثر أن اكتفي بأنهن قد يكفيهن عبارة لا تتزوجي سعودياً حتى يسألنا القضاء لماذا؟