الحداء في اللغة: حدا الإبل أي ساقها وحثها على السير بالحداء والأحدية الأغنية التي يحدى بها. ولما كانت الإبل تسير في قوافل طويلة ولمسافات كثيرة سعياً وراء التجارة والرزق والتنقل نشأ عند العرب ما يسمى (بحادي العيس) الذي يقوم بمهمة الغناء للإبل فتطرب لغنائه وتنشط في سيرها تنظم خطواتها على ترنيماته يصاحب ذلك حركات في جسمها من رفع أذنيها ورأسها لتلتقط هذا الصوت الذي يشجيها.

ويقال بأن أول من أحدث الحداء غلام من مضر هو الياس بن مضر ذلك أنه سقط عن بعيره وهو شاب فكسرت يده وأخذ يصيح يا يداه يا يداه فأتت له الإبل من المرعى فلما صح وركب حدا. وقيل بل كسرت يد مولى له فصاح فاجتمعت إليه الإبل فوضع الحداء وزادت الناس فيه. وغني عن القول بأن الإبل ترتاح وتطرب للحداء أو الرجز أو الغناء، وكان الحادي يعبر في حدائه عن حنينه إلى الأحبة الذين فارقهم وعن شوقه إلى الأوطان، كما يعبر فيه عن حزنه لألم الفراق وما استبد به من الغربة والنأي، فكان يخلع كل هذه المشاعر على مطيته ويلجأ إليها لتشاطره أحساسه، فهي رفيقه في الرحلة وأنيسه في الوحشة والغربة عن الأهل والأوطان.

ومن أمثلة شعر الحداء:

دعم المطايا تنسم الجنوبا

إن لها لنبأ عجيبا

حنينها وما اشتكت لغوبا

يشهد أن فارقت حبيبا

فاحملت إلا فتى كئيبا

يسر مما أعلنت نصيبا

لو ترك الشوق لنا قلوبا

إذن لآثرنا بهن الثِّيبا

إن الغريب يسعد الغريبا